علوم البلاغة (البيان المعاني البديع)،

أحمد بن مصطفى المراغي (المتوفى: 1371 هـ)

المبحث الأول في تعريفه لغة واصطلاحا

صفحة 151 - الجزء 1

  ١ - ووجه إفادة النفي والاستثناء القصر أنه اذا قيل: ما محمد، توجه النفي الى صفته لا الى ذاته، لأن الذوات لا تنفى، ومن حيث إنه لا نزاع في طوله وقصره وما شاكل ذلك، وإنما النزاع في كونه شاعرا أو كاتبا تناولهما النفي، فإذا قيل: إلا شاعر جاء القصر، هذا في قصر الموصوف على الصفة، أما في قصر الصفة على الموصوف فإنه متى قيل: ما شاعر، فأدخل النفي على الوصف المسلم ثبوته وهو الشعر لغير الشخصين اللذين الكلام فيهما كمحمد وعلي مثلا، توجه النفي اليهما فإذا قيل: إلا محمد، حصل القصر.

  ٢ - ووجه إفادة إنما القصر تضمنها معنى: ما وإلا، دليل ذلك البراهين الآتية:

  (أ) ما قاله النحاة من كون إنما لإثبات ما يذكر بعدها ونفي ما سواه.

  (ب) ما قاله المفسرون في قوله تعالى: {إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ}⁣(⁣١) بنصب الميتة من أن المعنى: ما حرم عليكم إلا الميتة، وهذا المعنى هو المطابق لقراءة رفع الميتة لانحصار التحريم فيها، إذ ما في قراءة الرفع اسم موصول، فتقدير الكلام حينئذ إن المحرم الميتة والخبر معرف بلام الجنس فيفيد الحصر كما تقدم.

  (ج) صحة انفصال الضمير معها فتقول: إنما يسافر أنا، كما تقول: ما يسافر إلا أنا، كما قال الفرزدق:

  أنا الزائد الحامي الذمار وإنما ... يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي⁣(⁣٢)


(١) سورة النحل الآية ١٥٥.

(٢) الذود الطرد، والذمار العهد، وفي الأساس هو الحامي الذمار اذا حمى ما لو لم يحمه ليم وعنف، والحسب ما يعده المرء من مفاخر نفسه وآبائه.