علوم البلاغة (البيان المعاني البديع)،

أحمد بن مصطفى المراغي (المتوفى: 1371 هـ)

المبحث الثاني في تقديم المسند اليه

صفحة 101 - الجزء 1

  ٢ - ما يفيد زيادة في المعنى فحسب نحو: بل الله فاعبد وكن من الشاكرين، فتقديم المفعول في هذا لتخصيصه بالعبادة دون سواه، ولو أخر لم يفد الكلام ذلك.

  ٣ - ما يتكافأ فيه التقديم والتأخير، وليس لهذا الضرب شيء من الملاحة، نحو:

  وكانت يدي ملأى به ثم أصبحت ... (بحمد إلهي) وهي منه سليب⁣(⁣١)

  فتقديره: ثم أصبحت وهي منه سليب بحمد الله.

  ٤ - ما يختل به المعنى ويضطرب، وذلك هو التعقيد اللفظي، أو المعاظلة التي تقدمت كتقديم الصفة على الموصوف، والصلة على الموصول، ونحو ذلك، كقول الفرزدق:

  إلى ملك ما أمه من محارب ... أبوه ولا كانت كليب تصاهره

  إذ تقديره الى ملك أبوه ما أمه من محارب، أي ما أم أبيه منهم، ولا شك أن هذا لا يفهم من كلامه للنظرة الأولى، بل يحتاج الى تأمل ورفق حتى يفهم المراد منه.

المبحث الثاني في تقديم المسند اليه

  يقدم المسند اليه لأغراض، منها:

  ١ - أنه الأصل إذ هو المحكوم عليه ولا مقتضى للعدول عنه، نحو: العدل أساس الملك.

  ٢ - ليتمكن الخبر في ذهن السامع، لأن في المبتدأ تشويقا اليه كقوله تعالى:

  {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ}⁣(⁣٢)، وقول أبي العلاء:

  والذي حارت البرية فيه ... حيوان مستحدث من جماد

  يريد أن الخلائق تحيرت في المعاد الجسماني، كما يرشد الى ذلك ما قبله:

  بأن أمر الإله واختلف الناس ... فداع الى ضلال وهادي

  فإتيانه بالمسند اليه على تلك الشاكلة موصوفا بحيرة البريّة فيه، يستدعي تشوق السامع الى أن يعرف ما حكم به عليه، فإذا جاء الخبر تمكن في النفس لما تقدمه من التوطئة له.


(١) سليب بمعنى مسلوب، أي منتزع مأخوذ.

(٢) سورة الحجرات الآية ١٣.