علوم البلاغة (البيان المعاني البديع)،

أحمد بن مصطفى المراغي (المتوفى: 1371 هـ)

المبحث الرابع في المجاز المرسل

صفحة 249 - الجزء 1

  في غير ما وضعت له الحقيقة، وبقولنا: في اصطلاح التخاطب الحقيقة التي لها معنى آخر في اصطلاح التخاطب كالزكاة إذا استعملها المتكلم باصطلاح اللغة في النماء، فإنها يصدق عليها أنها كلمة مستعملة في غير ما وضعت له لكن باصطلاح آخر، وهو اصطلاح الشرع لا اصطلاح المتكلم، وهو اللغة، فلو لا هذا القيد لأمكن دخول هذه الحقيقة في تعريف المجاز، وبقولنا الملاحظة: علاقة، وهي المناسبة الخاصة بين المعنى المنقول عنه والمنقول اليه، الغلط كالكتاب اذا استعمل في المسطرة غلطا في نحو قولك: خذ الكتاب، مشيرا الى مسطرة، فإنه ليس فيه علاقة ملحوظة، وبقولنا: مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي الكناية فإن قرينتها لا تمنع من إرادة الموضوع له.

  وينقسم الى: مجاز مرسل واستعارة، لأن العلاقة المصححة للتجوز إن كانت غير المشابهة فمجاز مرسل، وإلا فاستعارة.

المبحث الرابع في المجاز المرسل⁣(⁣١)

  هو ما كانت العلاقة بين ما استعمل فيه وما وضع له ملابسة ومناسبة غير المشابهة كاليد اذا استعملت في النعمة، لما جرت به العادة من صدورها عن الجارحة، وبواسطتها تصل الى المقصود بها.

  ويجب أن يكون في الكلام دلالة على رب تلك النعمة ومصدرها بنسبتها اليه ومن ثم لا تقول: اقتنيت يدا، ولا اتسعت اليد في المد، كما تقول: اقتنيت نعمة، وكثرت النعمة في البلد، وإنما تقول: جلّت يده عندي، وكثرت أياديه لدي، أو ما شابه ذلك.

  ومن هذا قوله # لأزواجه: «أسرعكن لحوقا بي أطولكن يدا»، إذ المراد بسط اليد بالعطاء والبذل.

  ونظير ذلك اليد اذا استعملت في القدرة، لأن أجلى مظاهرها وأحكمها في اليد، ألا ترى أن بها البطش والتنكيل والأخذ والقطع والرفع والوضع، الى غير ذلك من أفاعيلها التي ترشدك الى وجوه القدرة ومكانها.


(١) سمي بذلك لإرساله وإطلاقه عن التقييد بعلاقة خاصة.