المبحث الرابع في محسنات الوصل
المبحث الرابع في محسنات الوصل
  مما يزيد الوصل حسنا بعد وجود المصحح المجوز للعطف، اتحاد الجملتين في الكيفية كأن تكونا اسميتين أو فعليتين أو شرطيتين أو ظرفيتين، ثم في الاسميتين اتفاقهما في كون الخبر اسما أو فعلا ماضيا أو مضارعا، وفي الفعليتين اتفاقهما في كونهما ماضويتين أو مضارعتين إلا لداع يدعو الى التخالف وذلك:
  ١ - بأن يقصد التجدد في إحداهما والثبات في الأخرى كقوله تعالى حكاية عن قوم إبراهيم: {أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ}(١)، فهم كانوا يزعمون أن اللعب حال إبراهيم المستمرة فاستفهموا عن تجدد مجيئه لهم بالحق.
  ٢ - بأن يقصد المضي في إحداهما والاستقبال في الأخرى كقوله تعالى: {فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ}(٢)، فقد عبّر بالمضارع في الثانية، وإن كان القتل في الماضي لاستحضاره في النفوس وتصويره في القلوب بيانا لفظاعته.
  ٣ - بأن يقصد الاطلاق في إحداهما والتقييد في الأخرى، كقوله تعالى: {وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ}(٣)، فقد أطلقت الجملة الأولى وقيدت الثانية بالإنزال، إذ الشرط قيد في الجواب.
المبحث الخامس في الفصل
  من حق الجمل اذا ترادفت ووقع بعضها في إثر بعض أن تربط بالواو لتكون متسقة منتظمة، وقد يعرض لها ما يوجب ترك الواو، ويسمى ذلك فصلا، ويكون في خمس أحوال:
  ١ - كمال الاتصال، وهو أن يكون بين الجملتين اتحاد تام وامتزاج معنوي، حتى كأنهما أفرغا في قالب واحد، وهذا يكون في:
  (أ) باب التوكيد، لزيادة التقرير أو لدفع توهم تجوز أو غلط، سواء أكان
(١) سورة الأنبياء الآية ٥٥.
(٢) سورة البقرة الآية ٨٧.
(٣) أي: هلا أنزل عليه ملك فتؤمن به، ولكنه لو حصل ذلك لقضي الأمر بهلاكهم لعدم إيمانهم به (سورة الأنعام).