المبحث الأول في وصل المفردات وفصلها
  زعمت هواك عفا الغداة كما ... عفت منها طلول باللوى ورسوم
  لا والذي هو عالم أن النوى ... صبر وأن أبا الحسين كريم(١)
  إذ قد وصل (وأن أبا الحسين كريم) بما قبله ولا مناسبة بين كرم أبي الحسين ومرارة النوى، ولا تعليق لأحدهما بالآخر، إذ لا يقتضي الحديث، بهذا الحديث، بذلك.
المبحث الأول في وصل المفردات وفصلها
  البحث في وصل الجمل وفصلها لا يتضح إلا اذا سبقه الكلام على وصل المفردات وفصلها، وبيان هذا أن عطف مفرد على آخر يستفاد منه مشاركة الثاني للأول في اعرابه من رفع، ونصب، وجر، ولكن الأكثر في الصفات ألا يعطف بعضها على بعض، نحو: جاء محمد العاقل الفاضل الكريم، وسر هذا أن الصفة جارية مجرى موصوفها، فهي تدل على ذات لها تلك الصفة، ومن ثم يمتنع عطفها على موصوفها، فلا يجوز: جاءني محمد والكريم، على أن الكريم هو محمد، لأنه لا يصح عطف الشيء على نفسه، وجاء قليلا عطف بعضها على بعض باعتبار المعاني الدالة عليها، فنقول: نظرت الى علي الفاضل، والمؤدب والكريم، كأنك قلت: نظرت الى من اتصف بالفضل والأدب والكرم، وعلى ذلك جاء قوله:
  إلى الملك القرم وابن الهمام ... وليث الكتيبة في المزدحم
المبحث الثاني في وصل الجمل
  وصل الجمل عطف بعضها على بعض بالواو، أو إحدى أخواتها، وفائدته تشريك المعطوف والمعطوف عليه في الحكم، ومن حروف العطف ما يفيد العطف فحسب، وهو الواو، ولذا قد تخفى الحاجة اليها فلا يدركها إلا من أوتي حظا من حسن الذوق، ومنها ما يفيد مع التشريك معاني أخرى كالترتيب من غير تراخ
(١) زعمت: أي محبوبته، عفا: درس وزالت معالمه، والطلول جمع طلل آثار الديار التي هجرها أهلها، والصبر ثمر شجر مر، والخطاب في هواك للنفس، وجواب القسم ما ذكره في البيت بعده:
ما زلت عن سنن الوداد ولا غدت ... نفسي على إلف سواك تحوم