علوم البلاغة (البيان المعاني البديع)،

أحمد بن مصطفى المراغي (المتوفى: 1371 هـ)

المبحث الخامس - الايجاز أفضل أم الاطناب مواضع كل منهما

صفحة 201 - الجزء 1

  ١ - سهولة الحفظ، فقد قيل لأبي عمرو بن العلاء: هل كانت العرب تطيل؟

  قال: نعم كانت تطيل ليسمع منها، وتوجز ليحفظ عنها.

  ٢ - إخفاء الأمر عن غير المخاطب.

  ٣ - ضيق المقام خوف فوات الفرصة.

  ٤ - ذكاء المخاطب، حيث تكفيه اللمحة والوحي والاشارة.

  ومن دواعي الاطناب:

  (١) توكيد المعنى وتثبيته في النفس، أفلا ترى الى قوله تعالى في باب الموعظة: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ ٩٧ أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ ٩٨ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ}⁣(⁣١).

  (٢) دفع اللبس الذي كان يحتمل وجوده مع الايجاز واعتبر ذلك بما تراه في قوله تعالى: {ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ}⁣(⁣٢) فكلمة القلب تحتمل أحد معنيين: القطعة من اللحم، والفهم والادراك - لهذا أتي بكلمة في جوفه ليتعين المعنى الثاني، ويزول اللبس، وقوله تعالى: {فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}⁣(⁣٣)، فأتى بكلمة في الصدور لدفع اللبس بأن المراد بها العيون الباصرة.

  (٣) التعظيم والتهويل، انظر الى قوله تعالى: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ١ وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ٢ وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ ٣ وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ ٤ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ٥ وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ ٦ وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ٧ وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ ٨ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ٩ وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ١٠ وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ ١١ وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ ١٢ وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ ١٣ عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ}⁣(⁣٤)، إذ كان يكفي في الدلالة على وقت علم النفس ما أحضرت قوله تعالى: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} أو غيره مما بعده من الاثني عشر المذكورة، لكنه عدّدها لتهويل شأن هذا اليوم.


(١) سورة الأعراف الآيتان ٩٨ و ٩٩.

(٢) سورة الأحزاب الآية ٤.

(٣) سورة الحج الآية ٤٦.

(٤) سورة التكوير الآيات ١ - ١٤.