علوم البلاغة (البيان المعاني البديع)،

أحمد بن مصطفى المراغي (المتوفى: 1371 هـ)

المبحث الأول في شرح حقيقته وبيان جليل فائدته

صفحة 213 - الجزء 1

الباب الاول في التشبيه وفيه اثنا عشر مبحثا

المبحث الأول في شرح حقيقته وبيان جليل فائدته

  التشبيه لغة التمثيل، يقال: هذا شبه هذا ومثيله، وشبهت الشيء بالشيء أقمته مقامه لما بينهما من الصفة المشتركة.

  واصطلاحا: إلحاق أمر (المشبه) بأمر (المشبه به) في معنى مشترك (وجه الشبه) بأداة (الكاف وكأن وما في معناهما) لغرض (فائدة)⁣(⁣١).

  (أركانه) مما سبق تعلم أن أركانه أربعة: مشبه ومشبه به، ويسميان بالطرفين، ووجه شبه، وأداة.

  (فائدته) إيضاح المعنى المقصود مع الايجاز والاختصار، ألا ترى أنك إذا قلت: علي كالأسد، كان الغرض أن تبين حال علي، وأنه متصف بقوة البطش وشدة المراس وعظيم الشجاعة، وما الى ذلك من أوصاف الأسد البادية للعيون.

  ولا شيء أدل على ذلك من تشبيهه بالأسد من أجل أن كانت هذه الصفات خصيصي بالأسد مقصورة عليه، فصار هذا القول أكشف وأبين للقصد من قولك علي شجاع جريء، الى أشباه ذلك.

  ومن أسباب ذلك ما يلي:

  ١ - ما يحصل للنفس من الأنس به بإخراجها من الخفي الى الجلي الواضح، ألا ترى أنك اذا وصفت يوما بالقصر، فقلت: هذا يوم من أقصر ما يتصور، لم يجد السامع له من الأنس ما يجده لنحو قولك: يوم كإبهام القطاة.


(١) عرفه ابن رشيق في «العمدة» بأنه صفة الشيء بما قاربه وشاكله من جهة واحدة، لأنه لو ناسبه مناسبة كلية كان إياه، وقيل: هو إلحاق أدنى الشيئين بأعلاهما في صفة اشتركا في أصلها واختلفا في كيفيتها قوة وضعفا.