علوم البلاغة (البيان المعاني البديع)،

أحمد بن مصطفى المراغي (المتوفى: 1371 هـ)

المبحث الأول في أقسام الحقيقة

صفحة 247 - الجزء 1

  ١ - فاللغوية هي الكلمة المستعملة فيما وضعت⁣(⁣١) له في إصلاح التخاطب، فخرج بقولنا المستعملة الكلمة قبل الاستعمال، فلا تسمى حقيقة ولا مجازا، وبقولنا فيما وضعت له الغلط، نحو: خذ هذا الكتاب، مشيرا الى مسطرة، والمجاز الذي لم يستعمل فيما وضع له، لا في اصطلاح التخاطب، ولا في غيره، كالأسد المستعمل في الرجل الشجاع، لأن الاستعارة وإن كانت موضوعة فوضعها تأويلي، أي يحتاج الى قرينة لا تحقيقي، والمفهوم من إطلاق الوضع التحقيقي وهو ما كانت الدلالة فيه بنفسه لا بقرينة، وبقولنا في اصطلاح التخاطب المجاز المستعمل فيما وضع له في اصطلاح آخر غير الاصطلاح الذي وقع به التخاطب كالزكاة اذا استعملها الشرعي في النماء، فإنها تكون مجازا لأنها لفظ استعمل في غير ما وضع له في اصطلاح الشرع، وهو الجزء المخصوص الذي يؤخذ من المال، ويعطى للسائل والمحروم، وإن كان مستعملا فيما وضع له في اصطلاح اللغة، فلو لا هذا القيد لتناول تعريف الحقيقة والمجاز.

  ٢ - والعقلية هي إسناد الفعل، أو ما في معناه الى ما هو له عند المتكلم في الظاهر، أي إسناد الفعل، أو ما في معناه، وهو المصدر واسم الفاعل، واسم المفعول والصفة المشبهة، واسم التفضيل والظرف، إلى ما هو له عند المتكلم فيما يفهم من ظاهر⁣(⁣٢) حاله بألا ينصب قرينة على أنه غير ما هو له في اعتقاده، ومعنى كونه له أن حقه أن يسند اليه لأنه وصف له وذلك كإسناد الفعل المبنى للفاعل الى الفاعل، وإسناد الفعل المبني للمفعول، وستأتي الأمثلة عند ذكر أقسامها، وهي أربعة:

  ١ - ما يطابق الواقع والاعتقاد معا كقول الموحد: خلق الله العالم.

  ٢ - ما يطابق الواقع دون الاعتقاد ولا يكاد يوجد له مثال ومثلوا له بقول المعتزلي لمن لا يعرف حقيقة حاله وهو يخفيها عنه (خلق الله الأفعال كلها)


(١) الوضع تعيين اللفظ للدلالة على معنى بنفسه، فخرج بقولنا بنفسه المجاز، لأن دلالته بالقرينة، ودخل المشترك، لأنه قد عين للدلالة على كل من المعنيين بنفسه وعدم فهم أحدهما بالتعيين لعارض لا ينافي ذلك، فالقر، مثلا عين مرة للدلالة على الطهر بنفسه وأخرى للدلالة على الحيض بنفسه، فهو موضوع لكل منهما على وجه الاستقلال.

(٢) سيأتي إيضاح ذلك في المجاز.