علوم البلاغة (البيان المعاني البديع)،

أحمد بن مصطفى المراغي (المتوفى: 1371 هـ)

المبحث العشرون في المجاز العقلي أو المجاز الحكمي

صفحة 292 - الجزء 1

  وقول الحطيئة:

  دع المكارم لا ترحل لبغيتها ... واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي

  فقد أسند راضية ودافق وطاعم وكاس وهي مبنية للفاعل إلى صمير لعيشة مع أن الراضي صاحبها وكذلك الماء مدفوق والشخص مطعوم مكسو.

  ٢ - إسناد ما بني للمفعول الى الفاعل نحو: {إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا}⁣(⁣١)، وسيل مفعم⁣(⁣٢)، لأن الوعد آت والسيل مفعم أي ماليء.

  ٣ - إسناد الفعل الى المصدر، نحو قول أبي فراس:

  سيذكرني قومي اذا جد جدهم ... وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر

  فقد أسند الجد الى الجد، أي الاجتهاد، وهو ليس بفاعل له بل فاعله الجاد وفاصله جد الجاد جدا، أي اجتهد اجتهادا، فحذف الفاعل الأصلي وهو الجاد وأسند الفعل الى الجد.

  ٤ - الإسناد الى الزمان، نحو: نهاره صائم، وليله قائم، وقوله:

  هي الأمور كما شاهدتها دول ... من سره زمن ساءته أزمان

  فقد أسند الصوم الى النهار والقيام الى الليل والإساءة والسرور الى الزمان، وكل هذه أزمنة للأفعال لا واقعة منها.

  ٥ - الإسناد الى المكان، نحو: {وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ}⁣(⁣٣)، فقد أسند الجري الى الأنهار، وهي أمكنة للمياه وليست هي الجارية بل الجاري ماؤها، ونحوه بيت ساكن.

  ٦ - الإسناد الى السبب، نحو:

  إني لمن معشر أفنى أوائلهم ... قيل الكماة ألا أين المحامونا؟

  فقد نسب الإفناء الى قول الشجعان: هل من مدافع، وليس ذلك القول بفاعل ولا بمؤثر وإنما هو سبب فقط.


(١) سورة مريم الآية ٦١.

(٢) أفعم الأناء: ملأه.

(٣) سورة الأنعام الآية ٦.