علوم البلاغة (البيان المعاني البديع)،

أحمد بن مصطفى المراغي (المتوفى: 1371 هـ)

المبحث الرابع في حسن الكناية وقبحها

صفحة 306 - الجزء 1

  ٣ - رمز وهو لغة أن تشير الى قريب منك خفية بشفة، أو حاجب، كما قال:

  رمزت إلي مخافة من بعلها ... من غير أن تبدي هناك كلامها

  واصطلاحا هو كناية قلت وسائطها مع خفاء اللزوم نحو: هو غليظ الكبد، كناية عن القسوة، إذ ذلك تتوقف على معرفة ما كان يعتقده العرب من أن الكبد موضع الاحساس والتأثر فيلزم من رقته اللين ومن علظه القسوة، ونحوه ما سبق.

  ٤ - إيماء وإشارة، وهي كناية قلت وسائطها، مع وضوح الدلالة، كقول أبي تمام يصف إبله مادحا أبا سعيد⁣(⁣١):

  أبين فما يزرن سوى كريم ... وحسبك أن يزرن أبا سعيد

  وقول البحتري يمدح آل طلحة:

  أو ما رأيت المجد ألقى رحله ... في آل طلحة ثم لم يتحول

  ومن لطيف ذلك وعجيبه قول بعضهم في رثاء البرامكة:

  سألت الندى والجود مالي أراكما ... تبدلتما ذلا بعز مؤبد

  وما بال ركن المجد أمسى مهدما ... فقالا أصبنا بابن يحيى محمد

  فقلت: فهلا متما عند موته ... فقد كنتما عبديه في كل مشهد

  فقالا: أقمنا كي نعزي بفقده ... مسافة يوم ثم نتلوه في غد

المبحث الرابع في حسن الكناية وقبحها

  الكناية تكون حسنة إن جمعت بين الفائدة ولطف الإشارة كما تقدم لك من الأمثلة، وقبيحة اذا خلت مما ذكر، كقول الشريف الرضي يرثي امرأة:

  (إن لم تكن نصلا فغمد نصال)، فهذا من رديء الكنايات، إذ هذا لا يفيد ما قصده من المعنى، بل ربما جرّ الى ما يقبح من تهمتها بالريبة.

  ونحوه قول أبي الطيب:

  إني على شغفي بما في خمرها ... لأعف عما في سراويلاتها

  قال ابن الأثير: فهذه كناية عن النزاهة والعفة، إلا أن الفجور أحسن منها،


(١) هو أبو سعيد بن يوسف الثغري.