المبحث الثالث في الاستفهام
  ٦ - النهي، نحو: {أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ}(١).
  ٧ - التقرير بحمل المخاطب على الإقرار بما يعرفه وإلجائه اليه.
  وحكم الهمزة فيه حكمها في همزة الاستفهام من إيلاء المقربة الهمزة، فإذا قلت: أفعلت هذا؟ كان غرضك أن تقرره بأن الفعل كان منه، وإذا قلت: أأنت فعلت هذا؟ كان غرضك أن تقرره بأنه هو الفاعل، وعليه قوله تعالى حكاية عن قوم نمرود: {أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ}(٢) إذ غرضهم أن يقرّ لهم بأنه قد كسر أصنامهم لا أن يقرّ لهم بأنه هل حصل كسر، يدل على ذلك جواب إبراهيم بقوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا}(٣)، ولو كان التقرير بالفعل لكان الجواب فعلت أم لم أفعل.
  ٨ - الإنكار، ويشترط فيه أن يلي المنكر الهمزة، ويكون:
  (أ) إما للتوبيخ على الفعل بمعنى ما كان ينبغي أن يكون كقوله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ}(٤) وأما بمعنى لا ينبغي أن يكون كقولك للرجل يضيع الحق: أتنسى قديم إحسان فلان اليك؟ وقولك للرجل يركب الخطر: أتخرج في هذا الوقت؟ والغرض في مثل هذا تنبيه السامع حتى يرجع الى نفسه فيخجل ويرتدع عن فعل ما هم به.
  (ب) وإما للتكذيب في الماضي بمعنى لم يكن، نحو: {أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً}(٥): {أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ}(٦) أو في المستقبل بمعنى لا يكون نحو: {أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ}(٧).
  وقول امريء القيس:
(١) سورة التوبة الآية ١٣.
(٢ و ٣) سورة الأنبياء الآيتان ٦٢ و ٦٣.
(٤) سورة البقرة الآية ٤٤.
(٥) سورة الاسراء الآية ٤٠.
(٦) سورة الصافات الآية ١٥٣.
(٧) أي أنلزمكم تلك الحجة ونفسركم على قبولها وأنتم كارهون لها.