علوم البلاغة (البيان المعاني البديع)،

أحمد بن مصطفى المراغي (المتوفى: 1371 هـ)

المبحث الثاني في حذف المسند اليه

صفحة 91 - الجزء 1

  وكما قال عبد الله الأسدي يمدح عمرو بن عثمان بن عفان:

  سأشكر عمرا إن تراخت منيتي ... أيادي لم تمنن وإن هي جلت

  فتى غير محجوب الغنى عن صديقه ... ولا مظهر الشكوى اذا النعل زلت

  رأى خلني من حيث يخفى مكانها ... فكانت قذى عينيه حتى تجلت⁣(⁣١)

  وبعد أن يذكروا الديار والمنازل ربع كذا وكذا كما قال:

  اعتاد قلبك من ليلى عوائده ... وهاج أهواءك المكنونة الطلل

  ربع قراء أذاع المعصرات به ... وكل حيران سار ماؤه خضل⁣(⁣٢)

  ٧ - تعيينه وعدم احتمال غيره، إما بحسب الحقيقة والواقع، كما تقول: خلاق لما يشاء، أي الله تعالى، وإما بحسب المبالغة والادعاء، كما يقول المادح وهّاب الألوف أي الممدوح.

  ٨ - تكثير الفائدة باحتمال أمرين عند الحذف، نحو قوله تعالى: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ}⁣(⁣٣)، أي فأمري صبر جميل، أو فصبر جميل أجمل بي وأولى.

  ٩ - تأتي الانكار عند الحاجة إلى ذلك، كما يقال: {هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ}⁣(⁣٤) اذا قامت القرينة على أن المراد خالد مثلا.

  ١٠ - إيهام العدول الى أقوى الدليلين، وهو الدليل العقلي دون اللفظي، فإن الاعتماد عند الذكر على دلالة اللفظ وعند الحذف على دلالة العقل وهي أقوى وإنما قيل لإيهام، لأن الدال في الحقيقة عند الحذف هو اللفظ المدلول عليه بالقرينة ويحتمله (قال لي: كيف أنت؟ قلت: عليل).

  ومن حذف المسند اليه ما اذا أسند الفعل الى نائب الفاعل لاعتبارات، منها:

  ١ - جهل الفاعل، كقول المرقش الأكبر:

  إن تبتدر غاية يوما لمكرمة ... تلق السوابق منا والمصلينا


(١) زلت النعل كناية عن الخصاصة والفاقة.

(٢) أذاع المعصرات أنزلت ماءها بكثرة، والحيران الساري هو المزن يجري ليلا، والخضل الصافي، وربع قواء لا انيس به.

(٣) سورة يوسف الاية ١٨.

(٤) سورة القلم الاية ١١.