مقدمة
  ملازمة فعله أو كثرته أو كانت دلالة اللفظ قوية في تأكيد الحكم أو عضده دليل آخر كان ذلك في أرفع مراتب الاستحباب، ومالم يكن فيه أحد هذه الأمور كان ناقصاً عن تلك الرتبة، وإذا كان الحديث الوارد في ذلك لاينتهي إلى الصحة فإن كان حسناً ولم يعارضه ما هو أقوى منه عمل به ومرتبته دون ما قبله أعني ما ورد فيه الحديث الصحيح المجرد عن المؤكد وإن كان ضعيفاً غير داخل في حيز الموضوع، فلا يخلو إما أن يحدث شعاراً في الدين منع منه، وإن لم يحدث فهو محل نظر يحتمل أنه مستحب لدخوله تحت العموميات المقتضية لفعل الخير واستحباب الصلاة، ويحتمل أن يقال: إن هذه الخصوصيات بالوقت أو بالحال والهيئة والفعل المخصوص تحتاج إلى دليل خاص يقتضي استحبابه أي الفعل بخصوصه، وهذا أقرب. والله أعلم.
  قلت: والصواب - والله تعالى أعلم - أن الصلاة خير موضوع فمن استطاع أن يستكثر فليستكثر، ولما ثبت «خير أعمالكم الصلاة» ولما تقدم من الأدلة والآثار في الترغيب إلى ذلك فليس من حقنا أن نعترض عباد الله في عبادة الله ما دامت لا تخالف شرع الله تعالى والأدلة التي تقتضي الاستحباب كثيرة ولئلا ندخل في قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى ٩ عَبْدًا إِذَا صَلَّى}[العلق: ٩ - ١٠].
  قال الإمام النووي في الأذكار: اعلم أنه ينبغي لمن بلغه شيء من فضائل الأعمال أن يعمل به ولو مرة واحدة ليكون من أهله، ولا ينبغي أن يتركه مطلقاً بل يأتي بما تيسر منه لقوله ÷ في الحديث المتفق على صحته «إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم». انتهى.