مقدمة
  ناضراً ورقها، تنعش بها الضعيف من عبادك، وتحيي بها الميت من بلادك، اللهم سقيا منك تعشب بها نجادنا، وتجري بها وهادنا، وتخصب بها جنابنا، وتقبل بها ثمارنا، وتعيش بها مواشينا، وتندي بها أقاصينا، وتستعين بها ضواحينا، من بركاتك الواسعة، وعطاياك الجزيلة على بريتك المرملة، ووحشك المهملة، وأنزل علينا سماء مخضلة، مدراراً هاطلة، يدافع الودقُ منها الودقَ، ويحفز القطر منها القطر، غير خُلَّبٍ برقها، ولا جهام عارضها، ولا قَزَعٍ ربابُها، ولا شفَّان ذهابها، حتى يخصب لإمراعها المجدبون، ويحيا ببركتها المسنتون، فإنك تنزل الغيثَ من بعد ما قنطوا، وتنشر رحمتك وأنت الولي الحميد)(١).
  وعن عائشة رضي الله تعالى عنها، قالت: «شكا الناس إلى رسول الله ÷ قحط المطر فأمر بمنبر فوضع له في المصلى ووعد الناس يوماً يخرجون فيه».
  قالت عائشة: فخرج رسول الله ÷ حين بدا حاجب الشمس فصعد على المنبر فكبر وحمد الله ø، ثم قال: «إنكم شكوتم إليَّ جدب دياركم، واستئخار المطر عن إبَّان زمانه عنكم، وقد أمركم الله سبحانه أن تدعوه ووعدكم أن يستجيب لكم، ثم قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٢ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ٣ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة: ٢ - ٤] لاإله إلا الله يفعل ما يريد، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت علينا قوة وبلاغاً إلى حين، ثم رفع يديه حتى بدا بياض إبطيه،
(١) الحدائق الوردية الجزء الأول ص ١١٩، وفي نهج البلاغة في الاستسقاء.