هذا الكتاب
  كما أنه زاد الأنبياء وسجيتهم العظمى، قال تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ}[الأعراف: ٢٠٥]، وقال على لسان نوح: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ١٠ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ١١ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}[نوح: ١٠ - ١٢]، والإعراض عن الدعاء ذنب خطير قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[غافر: ٦٠]، فيجب علينا جماعات وأفراداً، ذكراناً وإناثاً ذكر الله كثيراً وتسبيحه بكرة وأصيلاً، وما سبب ما نحن فيه من البؤس والحرمان والقلق والتوتر والتفكك والتشرذم إلا الابتعاد عنه وعدم الاتصال به، فما من عبد يدعو ربه مخلصاً إلا استجاب له ولبى طلبه؛ لأنه أكرم الكرماء، وأسمح الغرماء، كيف لا ونعمه إلينا نازلة، وذنوبنا إليه صاعدة، بلا حياء يردع، أو خوف يمنع؟! قال رسول الله ÷: «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجاً، ومن كل هم فرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب»(١).
  وللدعاء آداب وشرائط:
  ١ - التقوى، قال تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}[المائدة: ٢٧]، والتقوى هي: أن لا يراك الله في موضع يكرهه، ولا يفتقدك في موضع يحبه.
  ٢ - الثقة بالله تعالى، واليأس عما في أيدي الناس، يقول الرسول الأكرم ÷: «إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربه شيئاً إلا أعطاه،
(١) رواه الإمام أبو طالب في الأمالي ١٩٤.