الطريقة التي يرى المؤلف أن يجمع بها الفقه
  أجمعون، فإنا لله وإنا إليه راجعون، فلقد أظلمت آفاق الدنيا لموتهم، ونقصت مع سعة أطرافها بفوتهم، وتعطلت بعدهم المدارس، واوحشت لفراقهم المجالس، وبكت جزعا لفقدهم الأرض والسماء، وقال من رأى الجهال بعدهم قد أخذوا المناصب: ياللعلماء. وعم النقص شرقا وغربا، وبعدا وقربا، وصار الحال كما قيل في المثل: «أينما أوجه ألق سعدا». وما برحت أجيل النظر، وأعمل الفكر في هذا المطلب النفيس، والركاز الذي تشد لاستخراجه يعملات العيس، فلا أجد لفكري في بحره مسبحا، ولا لطير تأملي في جوه مسرحا، فتارة يناجيني طمع النفس بالتعرض لذلك، فيقول له العقل: «اطرق كرا»، وتارة ينتصر الخاطر للطمع، فيقول: «إنه لا نعام في القرى».
  ولم أزل مترددا بين أيدي الدواعي والصوارف، وهايبا للإقدام على هذا الأمر الذي تزل فيه أقدام ذوي المعارف، فكان من أعظمها لي صرفا، و أدعاها لي كفا، معرفتي لقدري، وصمتي عن الكلام حيث لا أدري، فكررت دعاء الاستخارة، ورفضت حديث النفس الأمارة، فقوي العزم على فعل ذلك وصمم، واستشرت جماعة من عيون الإخوان من العترة الأبرار، وشيعتهم الأخيار، فكلهم حثني عليه