الفلك الدوار في علوم الحديث والآثار،

صارم الدين إبراهيم الوزير (المتوفى: 914 هـ)

[معاناة الزيدية أيام الدولتين الأموية والعباسية]

صفحة 46 - الجزء 1

  التامة، وحَرَفوا عنهم قلوب الخاصة والعامة، وأمروهم باتباع الفقهاء الأربعة، وبنوا لهم المدارس، وأجروا عليهم الأموال وخلعوا عليهم الخِلع النفايس، وغمروا ذوي المَعَارف منهم بالعَوَارِف، وألقوا إليهم أزمة الأقضية والوظائف، وعظموهم ورفعوا من قدورهم، واتخذوهم لهم بطانة في جميع أمورهم، وألبسوهم السواد الذي هو شعارهم، وجعلوا لهم مقامات يجمِّعون فيها في الحرم الشريف، والجوامع الكبار، ويصلون فيها أربع جماعات بأربعة أئمة في وقت واحد، خاصة في صلاة المغرب، كما حكاه الدامغاني، فهي إلى الآن بدعة ثابتة، يفتخر بها أخيارهم وأشرارهم، ونَفَّروهم عن مذهب أهل البيت ومحبتهم والاشتغال بعلومهم ومعرفة أقوالهم، فلاتجد لهم في كتبهم ذكراً، ولا تسمع لهم في مصنفاتهم خَبَراً ولا خُبْراً، وتراهم يذكرون مذاهب مَنْ على وجه الأرض من سعيد وشقي، وعدو وولي، ويتركون ذكر ورثة النبي ÷، وينسبونهم وأتباعهم إلى البدعة، ويسمونهم الرافضة، وينكرون على من قلد غير الفقهاء الأربعة، ويعدون ذلك غاية الجهل والضَعَة. حتى قال الذهبي في تاريخه: إن الناس صاروا على خمسة مذاهب خامسها مذهب الداودية، وللزيدية مذهب في الفروع بالحجاز واليمن، لكنه معدود في أقوال البدع كالإمامية. انتهى كلامه.