الإهليلجة،

جعفر بن محمد الصادق (المتوفى: 148 هـ)

[هل للحواس مدخل في أحوال النفس عند النوم بدون القلب]

صفحة 36 - الجزء 1

  قال: ما أقدر أن أقول لك أي حواسي أدرك ذلك أو شيئاً منها، وكيف تدرك وهي بمنزلة الميت لا تسمع ولا تبصر؟

  قلت: فأخبرني حيث استيقظت ألست قد ذكرت الذي رأيت في منامك تحفظه وتقصه بعد يقظتك على إخوانك لا تنسى منه حرفاً؟

  قال: إنه كما تقول، وربما رأيت الشيء في منامي ثم لا أمسي حتى أراه في يقظتي كما أراه في منامي.

  قلت: فأخبرني أي حواسك قررت علم ذلك في قلبك حتى ذكرته بعد ما استيقظت؟

  قال: إن هذا الأمر ما دخلت فيه الحواس.

  قلت: أفليس ينبغي لك أن تعلم حيث بطلت الحواس في هذا أن الذي عاين تلك الأشياء وحفظها في منامك قلبك الذي جعل الله فيه العقل الذي احتج به على العباد؟

  قال: إن الذي رأيت في منامي ليس بشيء إنما هو بمنزلة السراب الذي يعاينه صاحبه وينظر إليه لا يشك فيه أنه ماء فإذا انتهى إلى مكانه لم يجده شيئاً، فما رأيت في منامي فبهذه المنزلة.

  قلت: كيف شبهت السراب بما رأيته في منامك من أكلك الطعام الحلو والحامض، وما رأيت من الفرح والحزن؟