الإهليلجة،

جعفر بن محمد الصادق (المتوفى: 148 هـ)

[من الذي علم الناس علم النجوم والحساب]

صفحة 42 - الجزء 1

[من الذي علم الناس علم النجوم والحساب]

  قلت: فكيف اهتدى لبعض هذه النجوم؟ وهل هذا العلم إلا من معلم كان قبلها، وهو الذي أسس هذا الحساب الذي زعمت أنه أساس المولود، والأساس أقدم من المولود، والحكيم الذي زعمت أنه وضع هذا إنما يتبع أمراً معلوماً هو أقدم منه، وهو الذي خلقه مولوداً ببعض هذه النجوم، وهو الذي أسس هذه البروج التي ولد بها غيره من الناس، فواضع الأساس ينبغي أن يكون أقدم منها، هب أن هذا الحكيم عُمّر منذ كانت الدنيا عشرة أضعاف، هل كان نظره في هذه النجوم إلا كنظرك إليها معلقة في السماء، أو تراه كان قادراً على الدنو منها وهي في السماء حتى يعرف منازلها ومجاريها، ونحوسها وسعودها، ودقائقها، وبأيتها تكسف الشمس والقمر، وبأيتها يولد كل مولود، وأيها السعد وأيها النحس، وأيها السريع وأيها البطيء، ثم يعرف بعد ذلك سعود ساعات النهار ونحوسها، وأيها السعد وأيها النحس، وكم ساعة يمكث كل نجمٍ منها تحت الأرض، وفي أي ساعة تغيب وأي ساعة تطلع، وكم ساعة يمكث طالعاً، وفي أي ساعة تغيب، وكم استقام لرجل حكيم كما زعمت من أهل الدنيا أن يعلم علم السماء مما لا يدرك بالحواس، ولا يقع عليه الفكر، ولا يخطر على الأوهام،