الإهليلجة،

جعفر بن محمد الصادق (المتوفى: 148 هـ)

[الله تعالى خالق الجسد والداء والدواء]

صفحة 63 - الجزء 1

[الله تعالى خالق الجسد والداء والدواء]

  أفرأيت لو كان خالق الجسد وما فيه من العصب واللحم والأمعاء والعروق التي يأخذ فيها الأدوية إلى الرأس وإلى القدمين، وإلى ما سوى ذلك غير خالق الحديقة وغارس العقاقير، هل كان يعرف زنتها ومثاقيلها وقراريطها، وما يصلح لكل داءٍ منها، وما كان يأخذ في كل عرق.

  قال: وكيف يعرف ذلك أو يقدر عليه، وهذا لا يدرك بالحواس، وما ينبغي أن يعرف هذا إلا الذي غرس الحديقة وعرف كل شجرة وبقلة وما فيها من المنافع والمضار.

  قلت: أفليس كذلك ينبغي أن يكون الخالق واحداً؛ لأنه لو كان اثنين أحدهما خالق الدواء والآخر خالق الجسد والداء لم يهتدي غارس العقاقير لإيصاله دوائه إلى الداء الذي بالجسد مما لا علم له به، ولا اهتدى خالق الجسد إلى علم ما يصلح ذلك الداء من تلك العقاقير، فلما كان خالق الداء والدواء واحداً أمضى الدواء في العروق التي برأ وصور إلى الداء الذي عرف ووضع فعلم مزاجها من حرها وبردها، ولينها وشديدها، وما يدخل في كل دواء منه من القراريط والمثاقيل، وما يصعد إلى الرأس منها، وما يهبط إلى القدمين منها، ما يتفرق منه في ما سوى ذلك.