[البحر وعجائبه]
[البحر وعجائبه]
  قلت: أفرأيت لو لم يكن لهذه المياه المنفجرة في الحديقة مغيض(١) لما يفضل من شربها يحبسه عن الحديقة أن يفيض عليها، أليس كان يهلك ما فيها من الخلق على حسب ما كانوا يهلكون لو لم يكن لها ماء؟
  قال: بلى، ولكني لا أدري لعل هذا البحر ليس له حابس، وأنه شيء لم يزل.
  قلت: أما أنت فقد أعطيتني أنه لولا البحر ومغيض المياه إليه لهلكت الحديقة؟
  قال: أجل.
  قلت: فإني أخبرك عن ذلك بما تستيقن بأن خالق البحر هو خالق الحديقة وما فيها من الخليقة، وأنه جعله مغيضاً لمياه الحديقة مع ما جعل فيه من المنافع للناس.
  قال: فاجعلني من ذلك على يقين كما جعلتني من غيره.
  قلت: ألست تعلم أن فضول ماء الدنيا يصير في البحر؟
(١) المغيض: مجتمع الماء ومدخله في الأرض، وفي نسخة: المغيض بالفاء، وكذا فيما يأتي بعده.