الإهليلجة،

جعفر بن محمد الصادق (المتوفى: 148 هـ)

[اتصال الخلق بعضه ببعض]

صفحة 69 - الجزء 1

[اتصال الخلق بعضه ببعض]

  قلت: وغير ذلك سآتيك به مما تعرف إتصال الخلق بعضه ببعض، وأن ذلك من مدبر حكيم عالم قدير، ألست تعلم أن عامة الحديقة ليس شربها من الأنهار والعيون، وأن أعظم ما ينبت فيها من العقاقير والبقول التي في الحديقة ومعاش ما فيها من الدواب والوحش والطير من البراري التي لا عيون لها ولا أنهار، إنما يسقيه السحاب؟

  قال: بلى.

  قلت: أفليس ينبغي أن يدلك عقلك وما أدركت بالحواس التي زعمت أن الأشياء لا تعرف إلا بها، أنه لو كان السحاب الذي يحتمل من المياه إلى البلدان والمواضع التي لا تنالها ماء العيون والأنهار، وفيها العقاقير والبقول والشجر والأنام لغير صاحب الحديقة لأمسكه عن الحديقة إذا شاء، ولكان خالق الحديقة من بقاء خليقته التي ذرأ وبرأ على غرور ووجل خائفاً على خليقته أن يحبس صاحب المطر الماء الذي لا حياة للخليقة إلا به؟

  قال: إن الذي جئت به لواضح متصل بعضه ببعض، وما ينبغي أن يكون الذي خلق هذه الحديقة وهذه الأرض، وجعل فيها الخليقة وخلق لها هذا المغيض وأنبت فيها هذه الثمار المختلفة إلا خالق السماء والسحاب يرسل منها ما شاء من الماء إذا شاء أن يسقي الحديقة، ويحيي ما في الحديقة من الخليقة والأشجار والدواب والبقول وغير ذلك، إلا أني أحب أن تأتيني بحجة ازداد بها يقيناً وأخرج بها من الشك.