[علم الإنسان ما لم يعلم]
[علم الإنسان ما لم يعلم]
  قال: لا أشك في هذا؛ لأنه لو كان خالق الجسد غير خالق العقاقير لم يهتد واحدٌ منهما إلى ما وصفت.
  قلت: فإن الذي دل الحكيم الذي وصفت أنه أول من خلط هذه الأدوية ودل على عقاقيرها المتفرقة فيما بين المشرق والمغرب، ووضع هذا الطب على ما وصفت لك هو صاحب الحديقة فيما بين المشرق والمغرب وهو باني الجسد، وهو دل الحكيم بوحي منه على صفة كل شجرة وبلدها، وما يصلح منها من العروق والثمار والدهن والورق والخشب واللحاء، وكذلك دله على أوزانها من مثاقيلها وقراريطها وما يصلح لكل داء منها، وكذلك هو خالق السباع والطير والدواب التي في مرارها المنافع مما يدخل في تلك الأدوية، فإنه لو كان غير خالقها لم يدر ما ينتفع به من مرارها وما يضر، وما يدخل منها في العقاقير، فلما كان الخالق سبحانه وتعالى واحداً دل على ما فيه من المنافع منها فسماه باسمه، حتى عرف وترك ما لا منفعة فيه منها، فمن ثم علم الحكيم أي السباع والدواب والطير فيه المنافع، وأيها لا منفعة فيه، ولولا أن خالق هذه الأشياء دله عليها ما اهتدى بها.
  قال: إن هذا لكما تقول، وقد بطلت الحواس والتجارب عند هذه الصفات.