[الإمام جعفر # والطبيب الهندي]
[الإمام جعفر # والطبيب الهندي]
  وقد وافاني كتابك ورسمت لك كتاباً كنت نازعت فيه بعض أهل الأديان من أهل الإنكار، وذلك أنه كان يحضرني طبيب من بلاد الهند، وكان لا يزال ينازعني في رأيه، ويجادلني على ضلالته، فبينما هو يوماً يدق إهليلجة ليخلطها دواءً احتجت إليه من أدويته، إذ عرض له شيء من كلامه الذي لم يزل ينازعني فيه من ادعائه أن الدنيا لم تزل ولا تزال شجرة تنبت وأخرى تسقط، نفس تولد وأخرى تتلف، وزعم أن انتحالي المعرفة - لله تعالى - دعوى لا بينة لي عليها، ولا حجة لي فيها، وأن ذلك أمرٌ أخذه الآخر من الأول، والأصغر من الأكبر، وأن الأشياء المختلفة والمؤتلفة والباطنة والظاهرة إنما تُعرف بالحواس الخمس: نظر العين، وسمع الأذن، وشم الأنف، وذوق الفم، ولمس الجوارح، ثم قاد منطقه على الأصل الذي وضعه فقال: لم يقع شي من حواسي على خالق إلى قلبي إنكاراً لله تعالى، ثم قال: أخبرني بم تحتج في معرفة ربك الذي تصف قدرته وروبوبيته، وإنما يعرف القلب الأشياء كلها بالدلالات الخمس التي وصفتُ لك؟
  قلت: بالعقل الذي في قلبي، والدليل الذي أحتج به في معرفته.