[من أين علم العباد بأماكن الدواء في شتى بقاع الأرض]
[من أين علم العباد بأماكن الدواء في شتى بقاع الأرض]
  قلت: فأخبرني من أين علم العباد ما وصفت من هذه الأدوية التي فيها المنافع لهم حتى خلطوها وتتبعوا عقاقيرها في هذه البلدان المتفرقة، وعرفوا مواضعها ومعادنها في الأماكن المتباينة، وما يصلح من عروقها وزنتها من مثاقيلها وقراريطها و ما يدخلها من الحجارة ومرار السباع وغير ذلك؟
  قال: قد أعييت عن إجابتك(١) لغموض مسائلك وإلجائك إياي إلى أمرٍ لا يدرك علمه بالحواس ولا بالتشبيه والقياس، ولابد أن يكون وضع هذه الأدوية واضع؛ لأنها لم تضع هي أنفسها ولا اجتمعت حتى جمعها غيرها بعد معرفته إياها، فأخبرني كيف علم العباد هذه الأدوية التي فيها المنافع حتى خلطوها وطلبوا عقاقيرها في هذه البلدان المتفرقة.
  قلت: إني ضارب لك مثلاً وناصب لك دليلاً تعرف به واضع هذه الأدوية، والدال على هذه العقاقير المختلفة، وباني الجسد وواضع العروق التي يأخذ فيها الدواء إلى الداء.
  قال: فإن قلت ذلك لم أجد بُداً من الإنقياد إلى ذلك.
(١) أي قد أعجزت عن إجابتك.