[تهيئة الله تعالى الجسم لقبول الدواء المناسب للداء]
[تهيئة الله تعالى الجسم لقبول الدواء المناسب للداء]
  لقد ضيقت عليَّ المذاهب، فما أدري ما أجيبك به.
  قلت: فإني آتيك بغير ذلك مما هو أوضح وأبين مما اقتصصت عليك، ألست تعلم أن هذه العقاقير التي منها الأدوية والمرار من الطير والسباع لا يكون دواء إلا بعد الإجتماع؟
  قال: هو كذلك.
  قلت: فأخبرني كيف حواس هذا الحكيم وضعت هذه الأدوية مثاقيلها وقراريطها؟ فإنك من أعلم الناس بذلك؛ لأن صناعتك الطب وأنت تدخل في الدواء الواحد من اللون الواحد زنة أربعمائة مثقال، ومن الآخر مثاقيل وقراريط فما فوق ذلك ودونه، حتى يجيء بقدر واحدٍ معلوم، إذا سقيت منه صاحب البطنة بمقدار عقد بطنه، وإن سقيت صاحب القولنج أكثر من ذلك استطلق بطنه وألان(١) فكيف أدركت حواسه على هذا؟ أم كيف عرفت حواسه أن الذي يسقى لوجع الرأس لا ينحدر إلى الرجلين؟ والإنحدار أهون عليه من الصعود، والذي يسقى لوجع القدمين لا يصعد إلى الرأس وهو إلى الرأس عند السلوك أقرب منه، وكذلك كل دواء يسقى صاحبه لكل عضو لا يأخذ إلا طريقه في العروق التي تسقى له، وكل ذلك يصير إلى المعدة ومنها يتفرق، أم كيف لا يسفل منه ما صعد ولا يصعد منه
(١) استطلق البطن: مشى، وألان: أي جعله ليناً.