الإهليلجة،

جعفر بن محمد الصادق (المتوفى: 148 هـ)

[هل للحواس مدخل في أحوال النفس عند النوم بدون القلب]

صفحة 38 - الجزء 1

  بعد موت الحواس وهو لا يسمع ولا يبصر؟ ولكنك حقيقاً أن لا تنكر له المعرفة وحواسه حية مجتمعة إذا أقررت أنه ينظر إلى الامرأة بعد ذهاب حواسه حتى نكحها وأصاب لذته منها، فينبغي لمن يعقل حيث وصف القلب بما وصفه به من معرفته بالأشياء والحواس ذاهبة أن يعرف أن القلب مدبر الحواس ومالكها ورئيسها والقاضي عليها، فإنه ما جهل الإنسان من شيء فما يجهل أن اليد لا تقدر على العين أن تقلعها ولا على اللسان أن تقطعه، وأنه ليس يقدر شيء من الحواس أن يفعل بشيء من الجسد شيئاً بغير إذن القلب ودلالته وتدبيره لأن الله تبارك وتعالى جعل القلب مدبراً للجسد، به يسمع وبه يبصر، وهو القاضي والأمير عليه لا يتقدم الجسد إن هو تأخر، ولا يتأخر إن هو تقدم، وبه سمعت الحواس وأبصرت، إن أمرها ائتمرت وإن نهاها انتهت، وبه ينزل الفرح والحزن، وبه ينزل الألم إن فقد شيء من الحواس بقي على حاله، وإن فسد القلب ذهب جميعاً حتى لا يسمع ولا يبصر.