الإهليلجة،

جعفر بن محمد الصادق (المتوفى: 148 هـ)

[من هو واضع علم الطب وكيف تعلمه الناس]

صفحة 55 - الجزء 1

  من مصر، و (الصبر) من اليمن⁣(⁣١) و (البورق) من أرمينية⁣(⁣٢) وغير ذلك من أخلاط الأدوية التي تكون في أطراف الأرض، وكيف عرف أن بعض تلك الأدوية وهي عقاقير مختلفة يكون المنفعة في اجتماعها، ولا يكون منفعتها في الحالات بغير اجتماع، أم كيف اهتدى لمنابت هذه الأدوية وهي ألوان مختلفة، وعقاقير متباينة في بلدان متفرقة، فمنها عروق ومنها لحاء⁣(⁣٣) ومنها ورق ومنها ثمر، ومنها عصير ومنها مائع ومنها صمغ، ومنها دهن، ومنها ما يعصر ويطبخ، ومنها ما يعصر ولا يطبخ مما سمّي بلغات شتى لا يصلح بعضها إلاَّ ببعض، ولا يصير دواءً إلا بإجتماعها، ومنها مرائر السباع والدواب البرية والبحرية، وأهل هذه البلدان مع ذلك متعادون مختلفون متفرقون باللغات، متغالبون بالمناصبة⁣(⁣٤) ومتحاربون بالقتل والسبي، أفترى ذلك الحكيم تتبع هذه البلدان حتى عرف كل لغة وطاف كل وجه وتتبع هذه العقاقير مشرقاً ومغرباً آمناً صحيحاً لا يخاف ولا يمرض، سليماً لا يعطب، حياً لا يموت، هادياً لا يضل، قاصداً لا يجور⁣(⁣٥)، حافظاً لا ينسى، نشيطاً لا يمل حتى عرف وقت أزمنتها ومواضع منابتها مع


(١) الصبر وزان كتف: عصارة شجر مر.

(٢) البورق: بالفتح معرب بورة، شيء يتكون مثل الملح في شطوط الأنهار والمياه.

(٣) اللحاء: نشئ العود أو الشجر.

(٤) في نسخة: متقلبون بالمناصبة.

(٥) في نسخة: قاصداً لا يجوز.