[البحر وعجائبه]
صفحة 68
- الجزء 1
  قال: بلى.
  قلت: فهل رأيته زائداً قط في كثرة الماء وتتابع الأمطار على الحد الذي لم يزل عليه أو هل رأيته ناقصاً في قلة المياه وشدة الحر وشدة القحط؟
  قال: لا.
  قلت: أفليس ينبغي أن يدلك عقلك على أن خالقه وخالق الحديقة وما فيها من الخليقة واحد، وأنه هو الذي وضع له حداً لا يجاوزه لكثرة الماء، ولا لقلته، وأن مما يستدل على ما أقول أنه يقبل بالأمواج أمثال الجبال يشرف على السهل والجبل، فلو لم تقبض أمواجه ولم تحبس في المواضع التي أمرت بالإحتباس فيها لأطبقت على الدنيا حتى إذا انتهت على تلك المواضع التي لم تزل تنتهي إليها ذلت أمواجه وخضع أشرافه.
  قال: إن ذلك لكما وصفت، ولقد عاينت منه كل الذي ذكرت، ولقد أتيتني ببرهان ودلالات ما أقدر على إنكارها ولا جحودها لبيانها.