فصل
  من الدرجات العالية في الدار الباقية والخلود في النعيم الدائم الذي هذه الدار وما فيها بالنسبة اليه كلا شيء علم أن تلك البلايا نعمة عظيمة فما أحقها عند ورودها بالسرورالكامل والرضا بها على أي حال حتى ينقلب الألم التذاذا لعظم اليقين بالجزاء كما تنقلب المسرات في الدنيا ان كانت غير موافقة لمراد الله مالها ووبالها من العقاب عليها في الآخرة وتيقنه مساءات يتألم بها وبهذا تعلم يقينا أن لا أجل ولا اعظم من العلم عند من عرف النافع واليقين الصادق اللذين بهما تعرف الحقائق (ويتضح مما ذكرناه أن شكر الله سبحانه وتعالى واجب في السراء والضراء والشدة والرخاء في كل حال من الأحوال فله الحمد والشكر كذلك وأبلغ من ذلك واضعاف ذلك كما يحب ويرضى وحسبما هو أهله جل وتعالى) وبهذا الاعتبار يكون متعلق الشكر هو النعمة إذ الكل في الحقيقة نعم من الله وانه ما خلق الخلق الا لينعم عليهم في الدنيا والآخرة فله الفضل والمنة على خلقه وله الحمد كله والثناء البالغ غاية ما أثني به على نفسه ونسأله موجبات رضوانه آمين (ويجب علينا أيضاً شكر من أحسن الينا وأنعم علينا نعمة دينية أو دنيوية من نبينا ÷ وأئمتنا ومشايخنا ووالدينا واخواننا ومن سائر الناس فينبغي شكره ودعاء الله أن يجازيه عنا (بأفضل الجزاء ويحسن اليه عنا أكمل الاحسان) لأن الله سبحانه وتعالى جعله سبباً لما أسداه الينا من نعمه الدينية والدنيوية جل وعلا فينبغي لنا المكافأة بالشكر والدعاء لذلك السببا وقد تقدم بعض ما ورد في ذلك.