المقدمة
  من أغراض المبتدعين، اتبع هواه فهلك، والتبس عليه اليقين فشك.
  هذه القضية هي قضية (المطرفية) التي تثار في الساحة، التي اختلف الناس في البحث عنها:
  فمن باحث عن الحق متحر للصواب.
  ومن متعصب يخرجه تعصبه إلى مخالفة السنة والكتاب.
  ومن معارض جاهل سمعهم فتكلم، فدخل في الضلال وارتطم.
  ومن متحير في القضية التبس عليه حكمها، واضطرب عليه حلها.
  ومن مقصر في بحثه، مُتَجَرٍّ في الحكم بدون بصيرة، لا يعلم ما يلزم فيها من المهالك، فضاقت عليه حتى دخل في أوعر المسالك.
  وفي هذه الفترة القريبة شنت الغارات الشعواء العشواء، وتزايدت الهجمات الظالمة الظلماء، ممن يخطئ بجهله، ويتعدى في قوله وفعله، تحمل في طياتها التهجم والبذاء، وتُشَمُّ منها روائح اتباع الهوى، والميل إلى الدنيا، والحقد والنصب، مصرحة بتخطئة الأئمة الطاهرين، من أئمة أهل البيت الأكرمين، وشيعتهم الميامين، الذين حموا سرح الدين من الغواة المبتدعين، لسان حالها ينطق بجهل منشئها، وقلة معرفته، وقد كثر هؤلاء في هذه الفترة، فإن مَن أجاد أن يكتب، أو استطاع أن يتكلم سلط لسانه وقلمه على أذية العترة النبوية وتخطئتهم، قلبه على العترة متحاملٌ، وهو لهم مبغض ومناصب، فأخذ التاريخ يعيد نفسه، وتذكرنا مآسيه اليومية ما وقع أمسه، وكأن ما لاقاه الماضون هو نفس ما أصيب به الآخرون، بل هذا العصر أشد، فعند ذلك تذكرت ما لاقاه الأئمة من أعدائهم وهم لا زالوا أحياء فكيف وقد صاروا تحت أطباق الثرى، فجاهدوا على الحق باللسان والسنان، وأظهروا حججهم بكل بيان، وصبروا على ما أوذوا حتى ظهر أمر الله وأعداؤهم كارهون