علماء الشيعة مع المطرفية
  زيد البيهقي سلام الله على روحه المقدسة ورضوانه، لما وصل اليمن من العراق قاصداً لأحبابه، وهو كان بالعراق إمام الزيدية وعالمها، ومنها وصل بالكتب الكثيرة الباقية إلى الآن في أيدي الزيدية باليمن، وبالعلم الواسع، وداعياً إلى الله تعالى وتوحيده، والهداية إلى شرائع الإسلام وتجديده، فوصل في حال هيجان هذه البدعة، وتكاثف أهلها، واجتماع المتزهدين من وقش وقاعة وغيرهما، فلما خرج من البحر - وكان رَكِبَهُ بالكتب - خرج إلى الساحل الذي عليه الهجرة المسماة (بالكاملية) وكانت أحد هجر المطرفية؛ لأن صاحبها الفقيه الطاهر حسين بن شبيب كان أخذ مذهبه عن المطرفية، ونقله من وقش إلى تهامة، وأجابه إلى المهاجرة والإعتزال مقدار خمسمائة من شيعة تهامة أهل الجد والإجتهاد، والعُباد والزهاد، فأعطاهم ما حفظه من شيوخه من مذهب المطرفية ولقنهم، وأدبهم على حسب ما أُدِب، وهذَّبهم على حسب ما هُذِّب، وكان لهم الأعمال العظيمة المستحسنة التي لا يبلغها أهل الزمان اليوم (في سنة ثلاث وستين وستمائة) في باب الزهد، وكان الأمير غانم جد الأمير المؤيد صاحب تهامة قد خاف جانبهم لعظيم جِدِّهم وزهدهم، ولأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وقبول الخلق لقولهم، فلما خرج الفقيه العالم الإمام الزاهد البيهقي | إليهم رأى ما أعجبه من تعبداتهم، ومن هداهم، وعظيم تشددهم، وحسن اتباعهم في الفقهيات للإمام الهادي #، وسخاوة نفوسهم ومقابلتهم له بالجميل، جرياً على عوائدهم، فجرى حديث بينه وبين الفقيه الطاهر الحسين بن شبيب ومراجعة في القرآن، فقال الفقيه الطاهر حسين بن شبيب: إن القرآن لا يسمع، لأنه عرض، والعرض لا يدرك.
  قال الفقيه الإمام العالم البيهقي |: ومن أين لك هذا المذهب؟! فأنا لا أعرفه على كثرة شيوخي، وقرأت على خلق من علماء العراق وأئمتهم الكتاب فما علمت من