المقدمة
  وإن تجد عيباً فسد الخللا ... فجَلَّ من لا عيب فيه وعلا
  فمن رأى فائدة ألحقها، أو مائلة عن الحق طمسها.
  والأمر الذي يقضي منه العاقل عجباً أننا في الوقت الذي نرى أعداء الإسلام يتكالبون علينا، ويجتمعون ضدنا رغم ما بينهم من اختلاف وشقاق، ويبذلون الأموال وما يتمكنون منه، من أجل تفريقنا وتمزيق وحدتنا الإسلامية، نسعى جاهدين في مد يد العون لهم وخدمتهم مجاناً وبدون أي مقابل حتى نكون سبباً في تغذية الفرقة بين المسلمين، ليكونوا لقمة سائغة لعدوهم الذي يتسايل لعابه مترقباً فرصة الإنقضاض على الفريسة التي طالما قنص لها وترصد عليها.
  والأمر الأعجب أن هذه الفرقة المطرفية ليس وراء الدفاع عنها طائل، ولا يعود علينا بنفع لا في العاجل ولا في الآجل، وذلك أن المطرفية لم يبق لها - منذ زمن انقراضها وذلك مئات السنين وإلى هذه العصور - رجال يحملون ذلك الفكر ولا يعتنقون تلك العقيدة، ولا علماء ينابذون عنه، ولا كتب تدرس فيها عقائدهم، ولا مدارس تطلب فيها أفكارهم، فما هو الداعي إلى نبش أمثال هذه الجيف المنتنة، التي سودت وجه التاريخ الإسلامي، ولوثت صلب العقيدة الإسلامية فترة من الزمن حتى أزالها الله.
  فلو كانت المطرفية على حق، ومذهبهم هو الصواب، لما انقرض ولما فني، ولكان لا يزال له من يعتنقه ويذب عنه، ولكن لا ذا ولا ذاك، فهذا دليل واضح على أنه مذهب باطل زائل، لأنه لو كان مذهب الحق لما جاز انتهاؤه وفناؤه، لأن الحق لا يزول ولا ينتهي، وإن ضعف وذل، فلا بد أن يكون له من يحفظه ويدافع عنه.
  فإذا كان مذهب المطرفية مذهباً باطلاً، فلا يجوز الدفاع عنه، ولا الذب عنه، ولا تخطئة من قام ضده.