خاتمة
  جامع صعدة، في شهر ربيع الأول من سنة (٥٩٤) هـ، واتصلت دعوته بالحجاز فقام بها السيد قتادة بن إدريس صاحب مكة أتم قيام، وجُبيت له زكوات الحجاز وأعشاره، وأنفذت دعوته إلى الجيل والديلم والري، فبايعه الزيدية بها، وارتفع صيته في الدنيا، وخافه العباسيون ببغداد، وكتب دعوته إلى خوارزم شاه، صاحب خراسان فتلقاها بأحسن التلقي، وأعطى الشريف القادم بها مالاً جزيلاً، وجاءته كتب الملك الظاهر غازي بن الملك الناصر يوسف بن أيوب صاحب حلب يدعوه إلى دخول العراق، وأنه يبذل نفسه للقيام بخدمته، فأجابه الإمام وضمن الكتاب شعراً، ثم ساق القصيدة، إلى قول الخزرجي:
  وهو الذي عمر حصن ظفار وحصنه وشيده وأتقنه، وعمر مدارس العلم، وأنفق عليها أموالاً جزيلة، وجمع في خزانته من الكتب ما ليس يلقى مثله في سائر الخزائن.
  وأوقع بالمطرفية - وهم فرقة من الزيدية، ينسبون إلى مطرف بن شهاب - وكان قد فشا أمرهم، وظهر مذهبهم القبيح، واعتقادهم الفاسد، من قولهم: التأثير في العالم للطبائع الأربع، وأن البَرَد والمطر والموت دون مائة وعشرين سنة والخلقة الشوهاء وحشرات الأرض وغير ذلك ليس من فعل الله ولا باختياره، وكان فيهم زهادة وعبادة وتقشف استغووا به عامة الناس وجهلتهم، فجرّ فيهم السيف حتى كاد يأتي على آخرهم، وسبى ذراريهم، وخرب مساجدهم، ودمر ديارهم، وعفّى آثارهم، وطمس مذهبهم، فانقرضوا، حتى لا يكاد يلقى منهم عشرة أنفس إلا في رؤوس الجبال الشواهق، بعد أن كانوا ألوفاً مؤلفة. انتهى المراد نقله من كلام الخزرجي. ثم قال:
  وما صُنع الإمام المنصور بالله # بالمطرفية إلا كصنع أمير المؤمنين وسيد المسلمين علي بن أبي طالب ~ بالخوارج، أو كتحريقه للسبئية لما أصروا بعد استتابتهم على أمرهم المفضيع، وكفرهم الشنيع، فمن أنكر سيرة المنصور بالله بلسانه أنكر