فصل
فصل
  فإذا تقرر هذا - وهو أنه لا بد من إمام، وأن الاختيار فيه إلى الله - نظرنا إلى كتاب الله، وسنة رسول الله ÷، فإذا هو قد جعل الخلفاء والأئمة في ذراري الأنبئاء À: {إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ}[آل عمران ٣٣ - ٣٤]، {وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوءَةَ وَالْكِتَابَ}[العنكبوت ٢٧]، {قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِيَ الظَّالِمِينَ}[البقرة ١٢٤]، {فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ}[مريم ٥ - ٦]، {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِئَاءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكاً}[المائدة ٢٠]، وهذا في بني إسرائيل.
  وقال في بني إسرائيل - أيضًا -: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}[القصص ٥]، فجعل النبوءة والإمامة في بني إسرائيل يعقوب بن إسحاق إلى زمن نبيئنا ÷ وعليهم، هذه سنة الله في الأنبئاء À: {فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً}[فاطر ٤٣]، فكيف بخاتمهم وسيدهم!
  وقال سبحانه وتعالى في طالوت: {قَالُوَا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ}[البقرة ٢٤٧]، فجعل العلة في إيتائه الملك: الاصطفاء، والبسطة في الجسم والعلم.
  وقد اصطفى الله محمدًا وآل محمدٍ ÷، قال تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}[الأحزاب ٣٣]، فطهرهم من الضلال والأرجاس، وفضلهم على جميع الناس، وقال تعالى: {قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}[الشورى ٢٣]، وقال تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[المجادلة ٢٢]، فلمَّا نفى الإيمان عمن يواد من حاد الله ورسوله، وأمر بمودة أهل بيته، علمنا أنهم منزهون عن محادة الله ورسوله، وأن الله اصطفاهم وطهرهم.