القول السديد شرح منظومة هداية الرشيد،

الحسين بن يحيى بن محمد (المتوفى: 1435 هـ)

مقدمة

صفحة 36 - الجزء 1

  ولم نسمع به في رب العالمين.

  ومن الأدلة على وجوب شكر المنعم أنَّا عبيد مملوكون لله، ولم نر شيئاً استحق به المِلكية سوى خلقه لنا مع ما اشتمل عليه الخلق من المنافع العظام، مثل: السمع، والبصر، والعقل، و اللسان، وغيرها، وليس الخلق لغرض راجع إلى نفسه؛ لأنَّه غني بل لغرض راجع إلينا وهو النعمة والإحسان، فإذا استلزمت هذه النعمة المِلكية، والعبودية فبالأولى الشكر.

  وإذا تأملت القرآن، وبعض ما ورد في السنة وجدته يجعل الطاعات والعبادات كلها شكراً، ويوجبها لأجل الشكر؛ لأنَّه يذكر النعمة، ثم يستنكر عدم الشكر عليها ويوبخ، ولا فائدة في ذكر النعم وتعدادها ثم يستنكر ويوبخ على عدم الشكر عليها لو لم تكن هي توجب الشكر، ولو كانت العقول لا تدرك ذلك كان ذكرها عبثاً عَرِيًّا عن الفائدة قال تعالى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}⁣[سبأ: ١٣]، {لِيَبْلُوَنِيَ أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُر}⁣[النمل: ٤٠]، {إِنَّا خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً ٢ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ٣}⁣[الإنسان]، {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ}⁣[النحل: ١١٢]، {لإِيلافِ قُرَيْشٍ ١ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ٢ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ٣ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ٤}⁣[قريش]، {يَا بَنِي إِسْرائيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ}⁣[البقرة: ٤٠]، {يَا بَنِي إِسْرائيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}⁣[البقرة: ٤٧]، {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِئَآءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ}⁣[المائدة: ٢٠]، {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ}⁣[البقرة: ١٥٢]، {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ