[الجواب على الملاحدة]
  وأمَّا أصنام المشركين فهي مع ما ذكرنا جمادات، لا تنفع ولا تضر، وكل إله يُدَّعَى فهو محدودٌ مُكَيَّفٌ مثلها، مُحْدَثٌ جائزُ الوجود، واللَّهُ تعالى واجب الوجود، لا يصح عليه العدم، وهذه مُحْدَثَةٌ وقد عدمت.
  وأما المسألة الثالثة وهي إثبات القدم فقد مر دليلها في آخر أدلة حدوث العالم وهو الدليل على أنه واجب الوجود.
[الجواب على الملاحدة]
  ٧ - تباً لمن قال إنَّ الطبعَ أحدثها ... أو غيرَهُ، ولصنع اللهِ قد جَحَدوا
  ٨ - ففي تَنُّوعِهَا أيضاً وحِكْمَتِهَا ... إبطالُ ما زعموا فيها وما اعتقدوا
  ٩ - فهل جمادٌ لهذا الكونِ يُحْدِثُهُ؟! ... لو حاول العقلاءُ الدهر واجتهدوا
  ١٠ - مع اجتماعِهِمُو في خلقِ خَرْدَلَةٍ ... أو ذَرَّةٍ ما أَطاقوه، وإنْ جَهِدوا
  في هذه الأبيات إبطال ما زعمته الملاحدة من أن الذي أثّر في العالم طَبْع، أو علة، أو نجم، أو فلك، أو نفس فلك، أو غيرها.
  أمَّا الحوادث اليومية التي نشاهد حدوثها فحدوثها ضروري لا يحتاج إلى نظر.
  وكونُها وجدت مختلفة متنوعة محكمة متقنة في غاية الإحكام والإتقان، وعلى قانون الحكمة والمصلحة، ينفي كون المؤثر فيها جماداً كما تزعمه الملاحدة من طبع، أو علة، أو نجم، أو فلك، أو نحو ذلك؛ لأنَّ الإحكامَ والإتقانَ يَتنافيان مع هذه المؤثراتِ المزعومة؛ لأنَّ الإحكامَ والإتقانَ لا يكون إلاَّ من قادرٍ عالمٍ مختارٍ، حيٍّ، وليس في الجمادات هذه الصفات، ولو كانت الجمادات لها تأثيرٌ - على فرض - لكان عشوائياً.
  كيف والجن والإنس والملائكة لا يَقدرون على خلقِ أضعفِ مخلوقٍ من هذه المخلوقات، مع أنهم قد اتصفوا بالقدرة، والعلم، والاختيار؛ لأنَّ قدرتهم مخلوقةٌ، خصصها خالقُها فيما أراد، فكيف بجماد لا يقدر ولا يعلم، وليس له حياة ولا اختيار.