[بصير والدليل عليه]
  والأنبياءُ صلوات الله تعالى عليهم لا يَحتاجون معها إلى معجزات، لو صادفت عقولاً واعية، خاليةً من الكبر، والحسد.
  فدَعَانَا اللَّهُ تعالى إلى التحابب والتآخي، وترك الظلم، والتعدي، والغش، والخداع، والمكر، والحسد، والكبر، والسب، والغيبة، والنميمة، والقتل، والنهب، والسرق، وقطع الطريق، وحرَّم الزنا؛ لأنَّ فيه التعديَ على حُرَمِ الناس، واللواطَ؛ تنْزيهاً لنا عن القذارة، ولتكثير النسل، وإتيانَ المرأة في المحيض كذلك، وفيه حفظٌ لصحة الرجل، لِمَا في كثرة الوطء من المضرة، والخمرَ حفظاً للعقل، ولدفع ما قد يحصل من السكر من المضرات بالنفس والمال، وشرع النكاح على هذه الطريقة المشروعة؛ حفظاً للأنساب، ولِمَا قد يحصل من النكاح العشوائي من التخاصم، والمقاتلة والعداوات، وللتعاون بين الزوجين بتربية أولادهم، وأحوال معايشهم.
  وحرَّم الطلاق البدعيَّ لِمَا قد يحصل من الندامة لِمَن يُطلِّق حال الغضب.
  وشرع الرجعة رحمة لمن تندم، وحرّم الزوجة بعد الثالثة إلاَّ بعد زوج، حفظاً لكرامة المرأة، وتأديباً للمتلاعبين.
  واشتراط الولي والشهادة، فرقاً بين النكاح والسفاح، وشرع الحدودَ ردعاً وزجراً للمعتدين، وتفصيل المواريثِ دفعًا للخصام، وقس الباقي.
[بصير والدليل عليه]
  وأما الدليل على أنه بصير لا تخفى عليه المبصرات، فهو أنَّه خلق المخلوقات على مقادير وألوان مختلفة، ففي ألوان الآدميين، والغنم، والبقر، والطير، والفواكه، والزهور، والجبال، والأرَضِين، والسماوات، والظلمة، والنور ما لا يَهتدي له إلاَّ المبصر؛ لأنَّ المولود الذي ولد أعمَى لا يعرف شيئاً من ذلك، ولا لوناً من لون.
  هذا، ولما كان الله يرى بدون آلة مجعولة مخلوقة حتى يتحكم فيها جاعلها، وخالقها، لزم أن يرى كل المرئيات الظاهرة، والباطنة؛ لأنَّ الرؤية من شأنه،