[سميع والدليل عليها]
  ومن حقيقته، فلا يمكن أن تتخلف عنه، ولو خفي عليه بعض المرئيات لكانت قد تخلفت عنه، ولم تكن له صفة ذاتية، ولأنه تَحَكُّمٌ وتَخْصِيصٌ بدون مُخَصِّص لو فرض ذلك.
  والدليل على أنه يرى المرئيات الباطنة أنه خلق الحيوانات، وفي بطونها الكبد والرئة، والكرش، والقلب، والطحال، والكلى، والمِعا، والشحم، وألوانها مختلفة، ويخلق الأولاد في بطون أمهاتهم مختلفة ألوانهم، وكذلك الأثمار، والأشجار لون ظاهرها مخالف للون باطنها، وكذا الأرض طبقات مختلفة ألوانها، وهذا زيادة تأكيد، وإلا ففي الأول ما يكفي.
[سميع والدليل عليها]
  ١٤ - وَعَالِمٌ بِكِلامِ الْخَلْقِ أَجْمَعِهِم ... ومَا أرادُوا بِهِ أيْضاً، وما قَصَدُوا
  ١٥ - لأنَّه خَالِقٌ للنُّطْقِ آلَتَهُ ... ولَيسَ أصَواتُهَا في النُّطْقِ تَتَّحِدُ
  ١٦ - ولاَ لَهُ آلةٌ مِنْ غَيْرِهِ خُلِقَتْ ... حتى يَكونَ لِمَسْمُوعَاتِهِ عَدَدُ
  في هذه الأبيات: صفة سميع، والدليل عليها، وأنَّه عالِمٌ بجميع المسموعات، وما أُريد بها.
  فالذي يدل على أنَّه سميع، أنَّه خلق لنا، ولكلِّ ناطقٍ آلات الصوت والنطق، وآلات السمع، وجعل لكلِّ ناطقٍ صوتاً مخالفاً، فللذكر من الآدميين صوتٌ، وللأُنثى صوت، وللبقر والغنم والإبل والطير، لكل نوع صوت، ولا يَقدر على هذا من لا يعلم المسموعات.
  فالأصم الذي ولد أصم، لا يعرف الأصوات.
  هذا، ولَمَّا كان اللَّهُ تعالى يعلم المسموعاتِ بدون آلةٍ خَلَقَها له خالقٌ، فيتحكَّمُ فيها خالقُها، فيخصصها في مسموعات دون مسموعات، لزم أن يعلم المسموعات كلَّها، ولا يخفى عليه شيءٌ منها.