القول السديد شرح منظومة هداية الرشيد،

الحسين بن يحيى بن محمد (المتوفى: 1435 هـ)

[قدرة الله والدليل عليها وعلى أنه حي]

صفحة 55 - الجزء 1

  وقد سمى نفسه سميعاً بصيراً، فيجوز أن نسميه بهما لا غير، وإن كانا بمعنى عالم؛ لأنَّه لا يجوز أن نطلق على الله من الأسماء إلا ما تضمن مدحاً لقوله تعالى: {وَلِلّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}⁣[الأعراف: ١٨٠]، ولأنه يلزم التشبيه في لامس، وطاعم، وشامّ، بخلاف سميع، بصير، فهما أبعد عن التشبيه.

  فإن قيل: إن بين العلم، والإبصار فرق، ألا ترى أنا إذا فتحنا أعيننا إلى المرئيات ثم غمضناها فإن علمنا بها حال إغماضنا خلاف علمنا بها حين فَتْحِنَا لها.

  قيل له: إن علم الله يخالف علمنا، وإنما نتفق في الاسم، ألا ترى أنه يعلم الآلام التي تصيبنا، والهم، والغم، والسرور، واللذة، والأمن، والخوف، ومقاديرها بدون تألم، أو تلذذ، أو تضجر، أو سرور، أو تخوف، أو فرح، وبمقادير المطعومات، والمشمومات، والمسموعات، واختلافها، وكذا المبصرات، والملموسات، المرغوب فيها، والمنفور عنها، وبدون تلذذ، أو سرور، أو تضجر، أو نفور، فهو يعلم في الحلويات بالفارق بين حلاوة السكر، والعسل، والتمور، والزبيب، والرمان، والتين، وكذا الفارق بين مرارة الصبر، والمر، واللبان المر، وسائر المطعومات المرة، ودرجات الحرارة، والبرودة، وكذا المشمومات، والمسموعات، والمبصرات، والمؤذي منها، والمريح فالفرق بين علمنا وعلمه بين واضح، وقس ما لم نفصل على ما قد فصلنا في بعض المحسوسات.

  وسيأتي لهذا إن شاء الله تعالى مزيد توضيح بعد شرح القدرة، وبقية الصفات الذاتية.

[قدرة الله والدليل عليها وعلى أنه حيٌّ]

  ١٧ - والْمُمْكِناتُ جميعاً تحتَ قُدْرتِهِ ... ولا يَلمُّ بِهِ كَدٌّ ولا نَكَدُ

  ١٨ - لأنَّ قدرتَهُ ليست لخالقها ... فلا تُخَصُّ بِمقدورٍ وَتَنفردُ

  ١٩ - وكل من أدرك الأشيا وأوجدها ... فذاك حيٌّ بلا شكٍّ فيُعتمدُ

  في هذه الأبيات: إثبات القدرة له، وإحاطتها بجميع الكائنات.

  أمَّا الدليل على قدرة الله تعالى، ففيما خلق أعظم دليلٍ، وفي عجائب مخلوقاته ما يغني.