القول السديد شرح منظومة هداية الرشيد،

الحسين بن يحيى بن محمد (المتوفى: 1435 هـ)

[الجواب على ما يرد على قولنا: إن صفات الله ذاته]

صفحة 64 - الجزء 1

  ويلزم على هذا أيضاً أن القدرة هي العلم والحياة، وأن العلم والحياة هما القدرة، وكذا سائرها، ولا يخفى ما في هذا من التناقض والتنافر.

  والجواب الحق والله الموفق: أن هذه العبارة فيها بعض إلغاز، وليس المقصود بها ما ذُكِرَ، وما يُتَوَهَّم.

  وإنما المقصود أن ليس لله آلات يقدر بها، ويعلم بها، ويسمع بها، ويبصر بها، وليس له حياة، وليس إلا مجرد الذات قادرة، عالمة، سميعة، حية، بصيرة، فليس له قدرة يقدر بها، وكذا البواقي، فهو نفي للصفات الحقيقية.

  وليس المراد أيضاً أن ذاته آلة، بل المراد: أنه لا تخفى عليه المسموعات، والمبصرات، والمعلومات، والمطعومات، والمشمومات، وسائر المدرَكات، ولا يعجز عن كل المقدورات.

  فلا يلزم ما ذُكِرَ، ولا ما توهم، فهو قادر في الأزل بدون قدرة، وكذا البواقي، فافهم هذا موفقاً إن شاء الله.

  والمدرَكات كلها بمعنى العلم، وليس يحصل لله إدراك للمعلومات، والمدرَكات، المسموعات، والمبصرات وسائر المدرَكات حتى يحتاج آلة يدرك بها ذلك، ولا آلة يخلق بها، أو يستعين بها؛ فالمدرَكات كلها معلومات في الأزل، ولا تخفى عليه دائماً.

  وإنما يقال: عَلِمَ ويَعْلَم باعتبار وجود المعلومات ماضيها وحاضرها ومستقبلها.

  وإذا قال: ولما يعلم ونحوها، فإنما المراد أنها ما قد حصلت، فلا يصح أن يخبر أنه قد علم حصول وقوعها، ومضيها وما قد وقعت بل يعلم أنها ستقع.

  وإنما يعلم المعلومات على ما هي عليه فالماضي ماضياً، والمستقبل مستقبلاً، والحاضر حاضراً.