[الجواب على البهشمية]
  وقد قال الله تعالى: {فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً}[الإنسان: ٢]، وهذا نص في محل النزاع؛ لأنَّ سميع عندهم غير السمع، وكذا البصير، وأن البصر هو الذي أثر في بصير.
  ولا يلزم من التلازم بين نحو القادرية - مع فرض تسليمها - وبين القدرة ومن توقفها على القدرة لا يلزم أن القدرة هي التي أثرت فيها، وأن القدرة علة فيها، كما لا يلزم من التلازم بين الأبوة والبنوة، وَتَوَقُّفُ كلِّ واحدة منهما على الأخرى، لا يلزم أن كل واحدة منهما أثرت في الأخرى، ولا من التلازم بين الحركة والسكون، وبين حدوث من اتصف بهما لا يلزم أنهما المؤثران في حدوثه، فالتلازم دليل لا مؤثر، وكون الأبوة غير البنوة لا شك فيه، بخلاف القادرية والقدرة، ولا يصح أن تكون البنوة مؤثرة في الأبوة، والعكس؛ لأنَّه يلزم تقدم كل واحدة منهما على الأخرى، ولو رتبة كما يزعمون، وهذه مناقضة لا شك فيها، ولا ريب.
  وما أظن أحداً يقول به، مع أن القدرة لا تتعلق بسلب الأبوة والبنوة بعد حصولهما، وتتعلق بسلب القدرة والقادرية.
  وإذا تأملت كلامهم، وعرفت معنى القادرية ونحوها، وهي كون صاحبها قادراً، ومعناه ثبوت القدرة له، وحصولها، إذا تأملت هذا عرفت أن كلامهم في غاية السقوط، وهل يتصور أن القدرة هي التي أثبتت نفسها لموصوفها، وحصَّلت وأوجدت نفسها له.
  ولا نسلم أن ثم صفة غير نحو العلم والقدرة؛ لأنَّها التي يتحلى بها صاحبها، وتُكْسِبُه مدحاً ورفعة، أو ذماً وضِعَة، وإنما سمي الواصف واصفاً؛ لأنَّه يحكم على الموصوف بما يكسبه ما ذكرنا، وكذا الوصف؛ لأنَّه حكم على صاحبها وإثبات الصفة لموصوفها.
  ولا نسلم أن الصفة ما ذكر بل الصفة: المعنى القائم بالجسم الذي يتحلى به ويتصف به.