[كلام حول الصفة الأخص]
  وأما الحكم بها له فهو وصف لا صفة.
  فيقال: فلان متصف بالصفات المحمودة وهي حسن الخلق، وغيره مما يمدح به، والجارية متصفة بالجمال أو بالبياض؛ فالجمال والبياض ونحوهما هن الصفات، وكذا الجذام والبرص هما الصفتان، لا قول الواصف، ولهذا إذا كان كاذباً فليس في الموصوف تلك الصفة، فقول الواصف وصف لا صفة إلا تجوزاً، وتسامحاً، وفي اصطلاح النحاة.
  والذي يظهر أنهم إنما يقولون بهذا في المخلوقين لا في الله، وهذا هو اللائق بهم.
  أما أن صفات الله هي القادرية، والعالمية، ونحوها، فهو مذهبهم، ويدل على أنهم إنما يريدون بهذا في غير الله أنهم أثبتوا لله الصفةَ الأخص، ويقولون إنها اقتضت له الصفات الأربع القادرية، والعالمية، والحيية، والوجودية، وليس المراد بالاقتضاء إلا التلازم.
  والعجب مِن عَدِّ صفة الوجود من الصفات المقتضاة؛ لأنَّه إذا كان موجوداً فاقتضاء الصفة للوجود من تحصيل الحاصل، وإذا كان معدوماً فليس ثمَّ شيءٌ يحتاج إلى صفة.
[كلام حول الصفة الأخص]
  هذا، وليس إثبات الصفة الأخص لله تعالى ببعيد، وأصحابنا وأئمتنا يثبتونها إلا أنهم لا يسمونها الصفة الأخص، بل قالوا: إن الله واجب الوجود، مختص بالقدم.
  فقد أثبتوا لله هذه الصفة، وجعلوها مختصة به تعالى، وهي الفارقة بينه وبين سائر الذوات، والصفة للجسم شَغْلُه المكان، وهي الفارقة بينه وبين سائر الذوات.
  وهي للعرض عدم استقلاله، وأنه لا بد له من جسم يحل فيه.
  وهي للجوهر عند من يقول به عدم انقسامه طولاً، وعرضاً، وعمقاً.
  هذا والصفة الفارقة بينه وبين كل المحدثات كون ذاته واجبة الوجود، والمحدثات جائزة الوجود، والصفات التي ذكرناها للجسم، والعرض، والجوهر صفات فارقة بين المحدثات أنفسها، وبين ذات الباري أيضاً.