[استحالة المكان والرؤية عليه تعالى]
[استحالة المكان والرؤية عليه تعالى]
  ٢٠ - وَلا يُحِيْطُ بِهِ ظَرْفٌ، وَلَيْسَ يُرَى ... فَالظَّرْفُ مَلْزُومُهُ الأعراضُ والجسدُ
  ٢١ - وكيف يَحتاجُهُ مَنْ كان أَوْجَدَهُ؟ ... ولا لَهُ قَبْلَهُ ظرفٌ ومقتعدُ
  ٢٢ - ولا تَرَى العينُ إلاَّ ما يُقابلها ... مُكَيَّفَاً، فتعالَى الواحدُ الأحدُ
  ٢٣ - إذاً فلا بُدَّ من رَبٍّ يُكَيِّفُهُ ... وخالقٍ، فهو مخلوقٌ ومُضْطَهَدُ
  اشتملت هذه الأبيات على بيان أن ليس لله مكان، وأنَّه لا يُرَى بالدليل العقلي على كل منهما.
  أما نفي المكان؛ فلأنَّ المكان يَلزمُ منه الإحاطة بمن فيه، فيلزم أن يكون مقَدَّراً، وقد أوضحنا فيما سبق أنَّ كلَّ مُقَدَّرٍ لا بدَّ له من مُقَدِّرٍ يُقَدِّرُهُ، فيكون إذاً مُحْدَثَاً، ولأنَّ المكان لا يكون إلاَّ للأجسام وهي المراد بالجسد، والأعراض، والله تعالى ليس بجسمٍ ولا عَرَضٍ، وقد ثبت أنَّه قديمٌ.
  فإن قيل: إن لله مكاناً، ولو لم يكن له مكان لكان عدماً محضاً؛ لأنَّه لا يعقل شيء لا في مكان.
  قلنا: قال الله سبحانه وتعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}[الزمر: ٦٢]، والمكان من جملة الأشياء المخلوقة.
  فالله خالق المكان، وقبل المكان ولم يكن عدماً محضاً؛ فإذا أمكن قبل خلق المكان صار ممكناً بعد.
  فإن قالوا: إن المكان قديم.
  قلنا: هذا خلاف ظاهر الآية؛ لأنَّه قال: {كُلِّ شَيْءٍ} وليس لهم دليل على وجود مكان قديم، ولا يصح إثبات شيء بغير دليل.
  ولأنه يكون قد شارك الله في صفة القدم، والله يقول: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى: ١١].