القول السديد شرح منظومة هداية الرشيد،

الحسين بن يحيى بن محمد (المتوفى: 1435 هـ)

[بحث فريد في الرؤية]

صفحة 79 - الجزء 1

  وليس للقرآن يدان، وقوله تعالى: {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}⁣[الشورى: ٣٠]، والمراد المعاصي، ففي هذا دليل على استعمال اليد في غير اليد الحقيقية، واستعمال العين في الرقابة، والجاسوس كثير في العربية.

[بحث فريد في الرؤية]

  وأما نفي الرؤية فالذي عليه الزيدية، والمعتزلة، والإمامية، والخوارج أن الله لا يرى لا في الدنيا ولا في الآخرة، واحتجوا بأدلة عقلية ونقلية.

  أما العقلية: فإنه لو رؤي لكان في مكان، ولا ترى الأبصار إلا ما كان في جهة مقدراً، مُكيَّفاً، له لونٌ، وكل من كانت هذه صفته فهو محدث؛ لأنَّ كل مقدر تجوز عليه مقادير كثيرة، ولا يختص بمقدار دون مقدار إلا باختيار مختار.

  بيان ذلك: أنه يجوز أن يكون طوله ألف ذراع، أو ألفين، أو ثلاثة، أو أربعة، أو مائتين، أو مائة، أو أكثر، أو أقل، وكذلك عرضه، وعمقه، ولا يصح أن يكون على مقدار، وهو يجوز ضده إلا باختيار مختار فيكون محدَثاً مربوباً.

  وقد شُكِّكَ في هذا الدليل بأنا نرى العالم وهو في غير مكان.

  والجواب من جهات: أولاً: أنه تشكيك في ضروري فلا يسمع.

  ثانياً: أنا لا نرى إلا ما كان في جهة ومكان، ولا نسلم أنا نرى شيئاً لا في مكان؛ لأنَّ الأبصار لا تدرك إلا ما قابلها في جهة والجهة هي المكان.

  ثالثاً: أن الأبصار لا تدرك إلا ما كان مُقَدَّراً مُكَيَّفاً، وما كان كذلك فهو محدَث، سواءٌ كان في مكان، أم لا، إن سلمنا أنه يمكن أن تكون المكيفات لا في مكان.

[الأدلة النقلية على نفي الرؤية]

  وأما الأدلة النقلية: فمنها قوله تعالى: {لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ}⁣[الأنعام: ١٠٣]، وهي تدل على نفي الرؤية من وجوه: