التحف شرح الزلف،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

الأميران شمس الدين وبدر الدين (ع):

صفحة 241 - الجزء 1

  حتى أنزل الله تبارك وتعالى سَيْلاً لم يعهد أهل هذه الأعصار مثله، وكان قد بنى في صنعاء قصراً شامخاً، وتأنّق فيه وتعمّق، فهدمه ذلك السيل، واسْتَلَبَ كثيراً من أمواله ونفائسه، ونجا بعد أن أشفى على الهلاك، إلى غير ذلك من الكرامات الجمة، وذكر مثل ذلك في مآثر الأبرار، وفي اللآلي المضيئة.

  ولم يزل خافضاً بحسامه وجوه المعتدين، رافعاً ببيانه فرائض ربّ العالمين، حتى قبضه الله إليه في المحرَّم سنة أربع عشرة وستمائة، عمره اثنتان وخمسون سنة وثمانية أشهر، واثنتان وعشرون ليلة. مشهده بظفار⁣(⁣١).

  صفته #: كان طويل القامة، تامَّ الخلق، دُرِّي اللون، حديد البصر حدّة مفرطة، أبلج⁣(⁣٢)، كثّ اللحية، كأنه قضيب فضة، قد غلب الشيب على عارضيه.

  وقد أعلم به محمد بن أمير المؤمنين $ في أبيات له، قال فيها:

  ووديعة عِنْدي لآل محمَّد ... أُودِعْتُها وجُعِلْتُ من أُمَنَائِها

  ثم أشار إلى الوقت الذي قام فيه الإمام فقال:

  وهناك يبدو عزُّ آل محمد ... وقيامها بالنصر في أعدائها

  ونقل من قصيدة قديمة ذكر صاحبها صفات الغزّ الذين جاهدهم الإمام #، منها:

  أهل فِسْقٍ ولواطٍ ظاهر ... أهل تعذيب وضربٍ بالخُشُب

  يتركون الفَرْضَ والسّنة لا ... يعرفون الله ليسوا بعرب


(١) ظفار: حصن أثري في الجهة الشمالية من مدينة ذيبين على بعد ٧٠ كم شمالي صنعاء، أوّل من أسّسَه الإمام أبو الفتح الديلمي (ع).

(٢) الأبلج: بَيِّن البلج، والبُلجَة: نقاوة ما بين الحاجبين.