[آية التطهير]
  البيت. فنقول: أما لفظ العترة والذرية فلم يستطع أي معارض المنازعة في إختصاصهم بهما، وكذا أهل البيت، لم يمكن لمدع أن يدعي فيه، غاية الأمر أن يدخل معهم الزوجات، أو يقول: هم آل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل العباس، وأخبار الكساء المعلومة بصيغة الحصر، وردّ أم سلمة، وغيرها مانعة من دخول غيرهم، كما أوضحناه.
  وأما لفظ آل محمد فقد ادّعى البعض ذلك، وروى فيه خبراً ضعيفاً عند أهل الحديث: آل محمد كل تقي. وقد حمله من أنصف من المحدثين على أن المراد الأتقياء من أهل البيت؛ لإخراج غير الأتقياء، على معنى قوله تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} ... الآية [هود: ٤٦]، ذكره في الجامع الصغير، وإن دعوى أن المراد بآل محمد أتباعه لبمكان من البطلان لا يحوج معه إلى إقامة برهان، إذ المعلوم أن الله تعالى قد خص من يطلق عليهم هذا اللفظ بأحكام يستحيل أن يراد بها كل الأمة، منها: تحريم الزكاة على آل محمد، أفتكون محرّمة على كل المؤمنين، فمن مصرفها، ومنها: اختصاصهم بنصيبهم من الخمس، وقد بيّن الله تعالى الآل بالذرية بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ٣٣ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ}[آل عمران: ٣٣]، وفي هذا كفاية لمن ألقى السمع وهو شهيد.
  فإن قيل: إن أهل البيت الذين ذكرت قد صار في كل فرقة منهم طائفة فمن أين لكم التعيين، وإنهم قد تجاوزوا الحصر فلا يحصون.
  قلنا؛ والله ولي التوفيق: أما أولاً: فالمعلوم أنها قد استقرّت بين ظهراني الأمة دَيَانَاتُهُم ومَذَاهِبُهم في التّوْحِيْدِ والعَدْلِ والإمَامة، وغير ذلك وهم إلى المائة الثالثة مُنْحَصِرُون على منهج واحد، وصراط مستقيم فمن فارق ذلك الهدى فهو من الظالم لنفسه، وقد فارق الحق، وما كان الله ليحتجّ به، {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا}[هود: ١١٣]، {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ١٢٤}[البقرة: ١٢٤]، {وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا ٥١}[الكهف: ٥١]، وقد صرحت الأدلة ببقاء الحجة فهم المستقيمون