التحف شرح الزلف،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

من المراثي التي قيلت في الإمام الحجة / مجد الدين بن محمد المؤيدي (ع)

صفحة 462 - الجزء 1

  وأعلمهم بما أوحاه ربي ... وما ضَمَّتْ عليه الدّفَّتانِ

  وكان حياتُهُ تسعين عامًا ... وستة ثم آبَ إلى الجِنان

  وعشرًا بعد تلك من الليالي ... وغادرها إلى الحور الحسان

  له الألبابُ قد ذهلتْ وتاهت ... لهذا الرزء قاصيها وداني

  لئن ذرفتْ له العينانِ قيحًا ... وأغرق من دميها الوجنتان

  لَحُقَّ لها وإنْ عَمِيْتْ عليه ... وصارت لا ترى رأي العيانِ

  وإنْ أَفَلَ النُّجوم له وغابت ... وأكْسَف في سماها النيِّران

  لكان بذا وهذين حقيقًا ... لأنَّ الخطبَ شأنٌ أيّ شان

  مصابٌ عَمَّنا شرقًا وغربًا ... وأظلم أُفْقُنَا في ذا الزمانِ

  مصابُ الدينِ ليس له نظيرٌ ... يماثل أو يشابه أو يُداني

  فوا أسفا فهل يُجدي فؤا ... دي التَّأسف والتحسّر والأماني

  أثار مصابُهُ حزنًا دفينًا ... وحزنًا بعد حزنٍ قد دهاني

  فمجدُ الدين كان لنا ضياءًا ... وشمسَ الحقِّ ساطعةَ البيانِ

  وشمسًا في النهار وفي الليالي ... لأهل الحقِّ مشرقةَ المعاني

  تغيب في ثرا ضحيان نورٌ ... فطاب وطاب تربةُ ذا المكان

  فباطنها بكوكبنا منيرٌ ... وظاهرها كَسِيْفِ النور قانِ

  لئن أَفَلَتْ وغابَتْ في ثراها ... وأقفرتِ المنازلُ والمباني

  فنورُ لوامع الأنوار يزهو ... وتحفته ومجموع البيان

  إذا خِفْتَ الهلاك غدًا فزرها ... ففي طيَّاتها سبل الجنانِ

  تغيّب شخصُهُ وهُدَاه باقٍ ... ونوَّر نورُهُ القُطْرَ اليماني

  وعمَّ الشامَ والأقطار طرّا ... هدايته لمرتادِ الأمانِ

  وصلّى عليه بعد أبيه طه ... وسلَّم ربُّنا أبد الزمان