المقدمة
  سبيل نشر الدين الحنيف بعزائم الصبر وإرادات أصلب من الفولاذ، تتصاغر وتتضاءل وتتساقط أمامها النوائب والأخطار.
  وإذا ما وقف أمامك ما يعرقل مسيرك، أو حل بك ما يكدر صفوك، أو يضيق صدرك - فتذكر الرعيل الأول الذين تحملوا الرسالة على كواهلهم، واتجهوا قدماً ولم يتضعضعوا لأي خطب أو خطر يقف في طريق تبليغهم الدين الحنيف، ولا تزلزلهم المحن مهما اشتدت، ولا تعصف بهم النكبات مهما عصفت، بل تصدوا لكل ما اعترضهم، وعضوا بنواجذهم عليه، وتخطوا كل العقبات.
  حملةَ العلم الشريف، لابد من عمل دؤوب متواصل لتبليغ الدين إلى الناس كافة، ولا بد من توطين النفس على الصبر وتعويدها على التحمل حتى تصلوا إلى النهاية وتدخلوا الجنة مع النبيئين والصديقين والصالحين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.
  فقد روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ وَسَلَّمَ: «إذا كان يوم القيامة وضعت منابر من ذهب عليها قباب من فضة مرصعة بالدر والياقوت والزمرد، جلالها السندس والإستبرق، ثم يجاء بالعلماء فيجلسون فيها، ثم ينادي منادي الرحمن ø: أين من حمل إلى أمة محمد ÷ علماً أتى به، يريد به وجه الله؟ اجلسوا على هذه المنابر ولا خوف عليكم حتى تدخلوا الجنة».
  وفي مجموع الإمام زيد #: عن علي # قال: قال رسول الله ÷: «من دعا عبداً من شركٍ إلى الإسلام كان له من الأجر كعتق رقبةٍ من ولد إسماعيل».
  إخوتي، اعلموا أن من المهم أن يفكر الدعاة في أن يكونوا على مستوى المسؤولية، وأن ينطلق أبناء الدين ليبرهنوا للناس كلهم أنهم الدعاة الصادقون في دعوتهم، وأنهم أهل الحق، وأن الحق ما يدعون إليه، وأنهم لن يتخلوا عنه ولو بذلوا في سبيل ذلك مهجهم، وأنها لا تزلزلهم المحن مهما اشتدت ما داموا يعملون في سبيل الدعوة إلى الله ونصرة دينه وإعلاء كلمته، وأن ذلك السبيل والمنهج هو السبيل والمنهج الذي دعا إليه نبينا محمد ÷: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، وأنهم لن يتراجعوا ولن يتخلوا عن ذلك لأنهم ينصرون دين الله {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}.