العتبة المنبرية في الأدلة الخطابية،

عبد الله بن يحيى العجري (معاصر)

ثانيا: أحاديث في الدنيا

صفحة 347 - الجزء 1

  ٥١ - وفي مجموع الإمام القاسم الرسي #: وقد بلغني أن عيسى بن مريم صلى الله عليه، كان يقول لمن يحضره ولحوارييه: «بحق أقول لكم أنه لا يصلح حبُّ ربِّين، وما جعل الله لرجل في جوفه من قلبين، لا يصلح حب الله وحب الدنيا في قلب، كما لا تصلح العبادة إلا لربٍ».

  ٥٢ - وفي الثمار المجتناة: وبإسناده إلى ابن مسعود قال: دخلت أنا وخمسة يعني على رسول الله ÷ وقد أصابتنا مجاعة شديدة فما ذقنا منذ أربعة أشهر إلا الماء واللبن، وورق الشجر، فقلنا: يا رسول الله إلى متى نحن على هذه الحالة الشديدة فقال ÷: «لا تزالون فيها ما عشت فيكم فأحدثوا لله شكراً، فإني قرأت في كتاب الله تعالى الذي أنزل عليَّ وعلى من كان قبلي فما وجدت أمة يدخلون الجنة بغير حساب، وقال الله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}⁣[الزمر ١٠]، وقال: {أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا}⁣[الفرقان ٧٥]، وقال: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ} إلى قوله: {أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}⁣[البقرة ٢١٤]، وقال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِين}⁣[البقرة ١٥٥]، قلنا: يارسول الله، من الصابرون؟ قال رسول الله ÷: «[الذين] صبروا على طاعة الله وعن معصية الله وكسبوا طيباً وأنفقوا قسطاً، وقدموا فضلاً فأفلحوا وانجحوا، يا بن مسعود عليهم الخشوع والتقوى، والسكينة والوقار والثقة واليقين والاعتبار والبر والورع والاحسان والحب في الله والبغض في الله وأداء الأمانة والعدل في الحكم وإقامة الشهادة، ومعاونة الصديق، والعفو عن المسيء، ويغفر عمن ظلمه.

  يا بن مسعود إذا ابتلوا صبروا، وإذا أعطوا شكروا، وإذا حكموا عدلوا، وإذا قالوا صدقوا، وإذا عاهدوا أوفوا، وإذا غضبوا غفروا، وإذا أساؤا استغفروا، وإذا أحسنوا استبشروا، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا: سلاما، وإذا مروا باللغو مروا كراماً، ويبيتون لربهم سجداً وقياماً، ويقولوا للناس حسناً.

  يا بن مسعود والذي بعثني بالحق إن هؤلاء [هم] الصابرون يا بن مسعود من شرح الله صدره [للإسلام] فهو على نور من ربه النور إذا وقع في القلب انشرح وانفسح،